responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 221
عَنْهُمَا فَأَجَابَ وَنَشَرْنَا جَوَابَهُ فِي الْمُجَلَّدِ الثَّالِثِ مِنَ الْمَنَارِ (ص 157) وَيَحْسُنُ أَنْ نَضَعَهُ هَاهُنَا فَهُوَ مَوْضِعُهُ وَهُوَ:
" كَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ بَطَرًا جَاهِلًا، إِذَا أَصَابَهُ خَيْرٌ وَنِعْمَةٌ يَقُولُ: إِنَّ اللهَ - تَعَالَى - قَدْ أَكْرَمَهُ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَصْدَرَهُ مِنْ لَدُنْهُ وَسَاقَهُ إِلَيْهِ مِنْ خَزَائِنِ فَضْلِهِ عِنَايَةً مِنْهُ بِهِ لِعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ، إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ شَرٌّ - وَهُوَ الْمُرَادُ مِنَ السَّيِّئَةِ - يَزْعُمُ أَنَّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ شُؤْمَ وَجُودِهِ هُوَ يَنْبُوعُ هَذِهِ السَّيِّئَاتِ وَالشُّرُورِ، فَهَؤُلَاءِ الْجَاهِلُونَ الَّذِينَ كَانُوا يَرَوْنَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَالْحَسَنَةَ وَالسَّيِّئَةَ يَتَنَاوَبَانِهِمْ قَبْلَ ظُهُورِ النَّبِيِّ وَبَعْدَهُ، كَانُوا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فِي السَّبَبِ الْأَوَّلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَيَنْسُبُونَ الْخَيْرَ أَوِ الْحَسَنَةَ إِلَى اللهِ - تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُهَا الْأَوَّلُ وَمُعْطِيهَا الْحَقِيقِيُّ، يُشِيرُونَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَدَ لِلنَّبِيِّ فِيهِ، وَيَنْسُبُونَ الشَّرَّ أَوِ السَّيِّئَةِ إِلَى النَّبِيِّ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُهَا الْأَوَّلُ وَمَنْبَعُهَا الْحَقِيقِيُّ كَذَلِكَ، وَأَنَّ شُؤْمَهُ هُوَ الَّذِي رَمَاهُمْ بِهَا، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى مِنْ عِنْدِ اللهِ، أَوْ مِنْ عِنْدِكَ، أَيْ مِنْ لَدُنْهُ وَمِنْ خَزَائِنِ عَطَائِهِ، وَمِنْ لَدُنْكَ وَمِنْ خَزَائِنِ رَزَايَاكَ الَّتِي تَرْمِي بِهَا النَّاسَ، فَرَدَّ اللهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْمَزَاعِمَ بِقَوْلِهِ: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ أَيْ: إِنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ وَوَاضِعَ أَسْبَابِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ الْمُنْعِمَ بِالنِّعَمِ وَالرَّامِيَ بِالنِّقَمِ إِنَّمَا هُوَ اللهُ وَحْدَهُ، وَلَيْسَ لِيُمْنٍ وَلَا لِشُؤْمٍ مُدْخَلٌ فِي ذَلِكَ، فَهُوَ بَيَانٌ لِلْفَاعِلِ الْأَوَّلِ الَّذِي يُرَدُّ إِلَيْهِ الْفِعْلُ فِيمَا لَا تَتَنَاوَلُهُ قُدْرَةُ الْبَشَرِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ كَسْبُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَعْنِيهِ أُولَئِكَ الْمُشَاقُّونَ عِنْدَمَا يَقُولُونَ: الْحَسَنَةُ مِنَ اللهِ وَالسَّيِّئَةُ مِنْ مُحَمَّدٍ، أَيْ: إِنَّهُ لَا دَخْلَ لِاخْتِيَارِهِمْ فِي الْأُولَى وَلَا فِي الثَّانِيَةِ، وَأَنَّ الْأُولَى مِنْ عِنَايَةِ اللهِ بِهِمْ وَالثَّانِيَةَ مِنْ شُؤْمِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَتِ الْآيَةُ تَرْمِيهِمْ بِالْجَهْلِ فَمَا زَعَمُوا، وَلَوْ عَقَلُوا لَعَلِمُوا أَنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيمَا وَرَاءَ الْأَسْبَابِ الْمَعْرُوفَةِ فِعْلٌ، الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
" هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَنْ بِيَدِهِ الْأَمْرُ الْأَعْلَى فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالنِّعَمِ وَالنِّقَمِ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِسُنَّةِ اللهِ فِي طَرِيقِ كَسْبِ الْخَيْرِ وَالتَّوَقِّي مِنَ الشَّرِّ وَالتَّمَسُّكِ بِأَسْبَابِ ذَلِكَ فَالْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا يَزْعُمُونَ، كَذَلِكَ فَإِنَّ اللهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - قَدْ وَهَبَنَا مِنَ الْعَقْلِ وَالْقُوَى مَا يَكْفِينَا فِي تَوْفِيرِ أَسْبَابِ سَعَادَتِنَا وَالْبُعْدِ عَنْ مَسَاقِطِ الشَّقَاءِ، فَإِذَا نَحْنُ اسْتَعْمَلْنَا تِلْكَ الْمَوَاهِبَ فِيمَا وُهِبَتْ لَهُ لِأَجْلِهِ وَصَرَفْنَا حَوَاسَّنَا وَعُقُولَنَا فِي الْوُجُوهِ الَّتِي نَنَالُ مِنْهَا الْخَيْرَ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَصْحِيحِ الْفِكْرِ وَإِخْضَاعِ جَمِيعِ قُوَانَا لِأَحْكَامِهِ وَفَهْمِ شَرَائِعِ اللهِ حَقَّ الْفَهْمِ وَالْتِزَامِ مَا حَدَّدَهُ فِيهَا، فَلَا رَيْبَ فِي أَنَّنَا نَنَالُ الْخَيْرَ وَالسَّعَادَةَ، وَنَبْعُدُ عَنِ الشَّقَاءِ وَالتَّعَاسَةِ، وَهَذِهِ النِّعَمُ إِنَّمَا يَكُونُ مَصْدَرُهَا تِلْكَ الْمَوَاهِبَ الْإِلَهِيَّةَ فَهِيَ مِنَ اللهِ - تَعَالَى -، فَمَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنِ اللهِ ; لِأَنَّ قُوَاكَ الَّتِي كَسَبْتَ بِهَا الْخَيْرَ وَاسْتَغْزَرْتَ بِهَا الْحَسَنَاتِ، بَلْ وَاسْتِعْمَالَكَ لِتِلْكَ الْقُوَى إِنَّمَا هُوَ مِنَ اللهِ ; لِأَنَّكَ لَمْ تَأْتِ بِشَيْءٍ سِوَى اسْتِعْمَالِ
مَا وَهَبَ اللهُ، فَاتِّصَالُ الْحَسَنَةِ بِاللهِ ظَاهِرٌ، وَلَا يَفْصِلُهَا فَاصِلٌ لَا ظَاهِرٌ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست