responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 214
أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَصْحَابًا لَهُ أَتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّةً، فَقَالَ: أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا الْقَوْمَ فَلَمَّا حَوَّلَهُ اللهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَهُمْ بِالْقِتَالِ فَكَفُّوا، فَأَنْزَلَ اللهُ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ الْآيَةَ، ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ
فِي لُبَابِ النُّقُولِ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَعِنْدَهُ رِوَايَاتٌ أُخْرَى أَنَّهَا فِي أُنَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى الْإِبْهَامِ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: إِنَّنِي أَجْزِمُ بِبُطْلَانِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَهْمَا كَانَ سَنَدُهَا ; لِأَنَّنِي أُبَرِّئُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ كَسَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ مِمَّا رُمُوا بِهِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مُتَّصِلَةٌ بِمَا قَبْلَهَا، فَإِنَّ اللهَ - تَعَالَى - أَمَرَ بِأَخْذِ الْحَذَرِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْقِتَالِ وَالنَّفْرِ لَهُ، وَذَكَرَ حَالَ الْمُبْطِئِينَ لِضَعْفِ قُلُوبِهِمْ، وَأَمْرَهُمْ بِمَا أَمَرَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ فِي سَبِيلِهِ وَإِنْقَاذِ الْمُسْتَضْعَفِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ شَأْنًا آخَرَ مِنْ شُئُونِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ، كَانُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي تَخَاصُمٍ وَتَلَاحُمٍ وَحُرُوبٍ مُسْتَحِرَّةٍ مُسْتَمِرَّةٍ - وَلَا سِيَّمَا الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ - فَإِنَّ الْحُرُوبَ بَيْنَهُمْ لَمْ تَنْقَطِعْ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ، وَبَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ أَمَرَهُمُ الْإِسْلَامُ بِالسِّلْمِ وَتَهْذِيبِ النُّفُوسِ بِالْعِبَادَةِ وَالْكَفِّ عَنِ الِاعْتِدَاءِ وَالْقِتَالِ إِلَى أَنِ اشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ فَفَرَضَهُ عَلَيْهِمْ فَكَرِهَهُ الضُّعَفَاءُ مِنْهُمْ، قَالَ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّعْجِيبِ مِنْهُمْ إِذْ أَمَرَهُمُ اللهُ - تَعَالَى - بِاحْتِرَامِ الدِّمَاءِ، وَكَفِّ الْأَيْدِي عَنِ الِاعْتِدَاءِ، وَبِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَبِالْخُشُوعِ وَالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ، وَتَمْكِينِ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَبِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ الَّتِي تُفِيدُ مَعَ تَمْكِينِ الْإِيمَانِ شَدَّ أَوَاخِي التَّرَاحُمِ بَيْنَهُمْ، فَأَحَبُّوا أَنْ يَكْتُبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ لِيَجْرُوا عَلَى مَا تَعَوَّدُوا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ لِلدِّفَاعِ عَنْ بَيْضَتِهِمْ وَحِمَايَةِ حَقِيقَتِهِمْ، كَرِهَهُ الضُّعَفَاءُ مِنْهُمْ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْقَهُوا مِنَ الْأَمْرِ بِكَفِّ الْأَيْدِي أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - لَا يُحِبُّ سَفْكَ الدِّمَاءِ، وَأَنَّهُ مَا كَتَبَ الْقِتَالَ إِلَّا لِضَرُورَةِ دِفَاعِ الْمُبْطِلِينَ الْمُغِيرِينَ عَلَى الْحَقِّ وَأَهْلِهِ لِأَنَّهُمْ خَالَفُوا أَبَاطِيلَهُمْ وَاتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ، فَيُرِيدُونَ أَنْ يُنَكِّلُوا بِهِمْ، أَوْ يَرْجِعُوا عَنْ حَقِّهِمْ فَأَيْنَ مَحَلُّ الِاسْتِنْكَارِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ؟ وَهَؤُلَاءِ هُمْ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ ذَكَرَ أَنَّهُمْ يُبْطِئُونَ عَنِ الْقِتَالِ وَلِذَلِكَ قَالَ: إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَأَوْ هُنَا بِمَعْنَى " بَلْ " أَيْ: إِنَّهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي الْخَشْيَةِ أَنْ يَمِيلَ إِلَى هَذَا تَارَةً وَإِلَى الْآخَرِ تَارَةً، وَكَانَ هَؤُلَاءِ قَدْ رَجَّحُوا
بِتَرْكِ الْقِتَالِ خَشْيَةَ النَّاسِ مُطْلَقًا قَالَ: أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً أَيْ: بَلْ أَشَدَّ خَشْيَةً، أَقُولُ: اسْتَنْكَرَ الْأُسْتَاذُ نُزُولَ الْآيَةِ فِي بَعْضِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَمَا اسْتَحَقُّوهَا إِلَّا بِقُوَّةِ الْإِيمَانِ، وَالْعَمَلِ وَالْإِذْعَانِ، وَجَعْلِهَا فِي الْمُبْطِئِينَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اخْتَارَهُ فِيهِمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ ضِعَافُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست