responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 199
وَأَقُولُ: مَا نَقَلْنَاهُ عَنِ الرَّاغِبِ وَالْأُسْتَاذِ مِنْ كَوْنِ الصِّدِّيقِيَّةِ هِيَ الْمَرْتَبَةَ الَّتِي تَلِي مَرْتَبَةَ النُّبُوَّةِ فِي الْكَمَالِ الْبَشَرِيِّ قَدْ صَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَلِلْغَزَالِيِّ كَلَامٌ كَثِيرٌ فِيهِ، وَلَا غَرْوَ فَالصِّدْقُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ أُسُّ الْفَضَائِلِ، كَمَا أَنَّ الْكَذِبَ وَالنِّفَاقَ أُسُّ الرَّذَائِلِ، وَاخْتَارَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أَخْذَ الصِّدِّيقِ مِنَ التَّصْدِيقِ وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي تَصْدِيقِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَمَالِ الْإِيمَانِ بِهِمْ، وَلِهَذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ صِدِّيقًا، وَقَدْ
وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ، وَالَّتِي دُونَ الصِّحَاحِ فِي تَصْدِيقِهِ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: " مَا عَرَضْتُ الْإِسْلَامَ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ نَظِرَةٌ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَلَعْثَمْ " وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: مَا كَلَّمْتُ فِي الْإِسْلَامِ أَحَدًا إِلَّا أَبَى عَلَيَّ، وَرَاجَعَنِي الْكَلَامَ إِلَّا ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ فَإِنِّي لَمْ أُكَلِّمْهُ فِي شَيْءٍ إِلَّا قَبِلَهُ وَسَارَعَ إِلَيْهِ، وَسَنَدُهُمَا ضَعِيفٌ، وَقَدْ عَدَّ بَعْضُ الْمُسْتَشْرِقِينَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ الْمُسَارَعَةَ إِلَى تَصْدِيقِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَعَدَمَ التَّلَبُّثِ بِهِ، وَحَسِبَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ السَّذَاجَةِ وَضَعْفِ الرَّوِيَّةِ، وَيَنْقُضُ حُسْبَانَهُ كُلُّ مَا عُرِفَ مِنْ سِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ رَأْيًا، وَأَنْفَذِهِمْ بَصِيرَةً، وَأَصَحِّهِمْ حُكْمًا، وَأَقَلِّهِمْ خَطَأً، وَإِنَّمَا يَعْرِفُ قِيمَةَ الصِّدْقِ الصَّادِقُونَ، وَقَدْرَ الشُّجَاعَةِ الشُّجْعَانُ، وَحَقَائِقَ الْحِكْمَةِ الْحُكَمَاءُ، فَلَمَّا كَانَتْ مَرْتَبَةُ أَبِي بَكْرٍ قَرِيبَةً مِنْ مَرْتَبَةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الصِّدْقِ وَتَحَرِّي الْحَقِّ وَإِيثَارِهِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَإِنْ رَكِبَ فِي سَبِيلِهِ الصِّعَابَ وَتَقَحَّمَ فِي الْأَخْطَارِ كَانَ السَّابِقَ إِلَى تَصْدِيقِهِ، وَبَذْلِ مَالِهِ وَنَفْسِهِ فِي نَصْرِهِ، وَقَدْ سَمَّى اللهُ الدِّينَ صِدْقًا فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (39: 33) نَعَمْ إِنَّ الصَّادِقَ يَكُونُ أَسْرَعَ إِلَى تَصْدِيقِ غَيْرِهِ عَادَةً، فَإِنْ كَانَ بَلِيدًا أَوْ سَاذَجًا غِرًّا صَدَّقَ غَيْرَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ ذَكِيًّا مُجَرِّبًا ـ كَأَبِي بَكْرٍ ـ لَمْ يُصَدِّقْ إِلَّا مَا هُوَ مَعْقُولٌ، وَمَنْ كَانَ كَبِيرَ الْعَقْلِ قَوِيَّ الْحَدْسِ يُدْرِكُ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ مَا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ إِلَّا بَعْدَ السِّنِينَ الطِّوَالِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَعْلَمِ الْعَرَبِ بِتَارِيخِ الْعَرَبِ وَأَنْسَابِهَا وَأَخْلَاقِهَا، وَظَهَرَ أَثَرُ ذَلِكَ فِي سِيَاسَتِهِ أَيَّامَ خِلَافَتِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي الْمُرْتَدِّينَ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ، فَلَوْلَاهُ لَانْتَكَثَ فَتْلُ الْإِسْلَامِ وَغَلَبَتْهُ عَصَبِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ، أَفَهَكَذَا تَكُونُ السَّذَاجَةُ وَضَعْفُ الرَّأْيِ وَالرَّوِيَّةِ! أَمْ ذَلِكَ مَا أَمْلَاهُ عَلَى ذَلِكَ الْمُسْتَشْرِقِ كُرْهُ الْمُخَالِفِ، وَوَسْوَسَ بِهِ شَيْطَانُ الْعَصَبِيَّةِ؟ ؟
(الشُّهَدَاءُ) جَمْعُ شَهِيدٍ، وَبَيَّنَ الرَّازِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالشَّهِيدِ هُنَا مَنْ قَتَلَهُ الْكَفَّارُ فِي الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَرْتَبَةٌ عَالِيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الدِّينِ " وَكَوْنُ الْإِنْسَانِ مَقْتُولَ الْكَافِرِ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةُ شَرَفٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَتْلَ قَدْ يَحْصُلُ فِي الْفُسَّاقِ، وَمَنْ لَا مَنْزِلَةَ لَهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى " وَلِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُونَ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُمُ الشَّهَادَةَ
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْهُ أَنْ يُسَلِّطَ عَلَيْهِمُ الْكُفَّارَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 199
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست