responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 184
نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمْ خَالَفَهَا ـ إِلَى الْحُكْمِ بِقَوْلِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مِنْ وَاضِعِي الْقَوَانِينِ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُتَحَاكِمُونَ إِلَى رِجَالِ الْقَانُونِ أَسْوَأَ حَالًا مِنَ الْمُتَحَاكِمِينَ إِلَى أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ، وَهُمُ الْآنَ أَقْدَرُ عَلَى تَحْكِيمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي عِبَادَاتِهِمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَفِي مَحَاكِمِهِمُ الشَّرْعِيَّةِ مِنْهُمْ عَلَى تَحْكِيمِهَا فِي الْمُعَامَلَاتِ الْمَدَنِيَّةِ وَالْعُقُوبَاتِ ; لِأَنَّهُمْ فِي هَذَا تَحْتَ سَيْطَرَةِ الْأَجَانِبِ الْأَقْوِيَاءِ، وَأَمَّا فِي ذَاكَ فَلَيْسُوا تَحْتَ سَيْطَرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، فَإِذَا أَرَادَ عُلَمَاؤُهُمْ وَأَهْلُ الرَّأْيِ وَالْمَكَانَةِ فِيهِمْ ذَلِكَ نَفَذَ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ وَالَّذِينَ يَضَعُونَ هَذِهِ الْقَوَانِينَ الْمِصْرِيَّةَ يُوَافِقُونَ فِي أَكْثَرِهَا الشَّرْعَ وَيَبْنُونَ رَأْيَهُمْ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ بِحَسَبِ مَا يَصِلُ إِلَيْهِ عِلْمُهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يُلْصِقُونَ رَأْيَهُمْ بِالشَّرْعِ كَالْفُقَهَاءِ، وَمُرَاعَاةُ الْمُصْلِحَةِ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ فِي الْمَنْصُوصِ وَفِي الْمَوْكُولِ إِلَى الرَّأْيِ، وَالنَّاسُ يَقْبَلُونَ آرَاءَ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى الْفِقْهِ، وَلَوْ فِيمَا يُخَالِفُ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ; لِأَنَّهُمْ يُلْصِقُونَهَا بِالشَّرْعِ مِنْ حَيْثُ يَدَّعُونَ أَنَّهَا اجْتِهَادٌ صَحِيحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أُصُولِهِ، وَلَكِنْ لَا اجْتِهَادَ مَعَ النَّصِّ، وَرُبَّمَا كَانَ
الْعَامِلُ بِالرَّأْيِ ـ لَا يُسَمِّيهِ دِينًا ـ أَقَلَّ جِنَايَةً عَلَى الشَّرْعِ مِمَّنْ يَعْمَلُ بِالرَّأْيِ يُسَمِّيهِ دِينًا، وَلَا سِيَّمَا مَعَ وُجُودِ النَّصِّ.
وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ: أَنَّهُ مَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْبَلُوا قَوْلَ أَحَدٍ، أَوْ يَعْمَلُوا بِرَأْيِهِ فِي شَيْءٍ لَهُ حُكْمٌ فِي كِتَابِ اللهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الثَّابِتَةِ، إِلَّا فِيمَا رَخَّصَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ مِنْ أَحْكَامِ الضَّرُورَاتِ وَالْحَاجَاتِ، وَمَا لَا حُكْمَ فِيهِمَا فَالْعَمَلُ فِيهِ بِرَأْيِ أُولِي الْأَمْرِ فِي كُلِّ زَمَنٍ بِشَرْطِهِ أَوْلَى مِنَ الْعَمَلِ دَائِمًا بِرَأْيِ بَعْضِ الْمُؤَلِّفِينَ لِكُتُبِ الْفِقْهِ فِي الْقُرُونِ الْخَالِيَةِ ; لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمَصْلَحَةِ، هَذَا هُوَ مَا كَانَ يُرِيدُهُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي قَالَهَا فِي دَرْسِهِ بِالْأَزْهَرِ، وَمَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ، نَعَمْ إِنَّ مَنْ يَضَعُونَ الْأَحْكَامَ لِمَا لَا نَصَّ فِيهِ يُشْتَرَطُ فِي الْإِسْلَامِ أَنْ يَكُونُوا عَالِمِينَ بِالنُّصُوصِ وَمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، وَعِلَلِهَا حَتَّى لَا يُخَالِفُوهَا وَلِيَتَيَسَّرَ لَهُمْ رَدُّ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ إِلَيْهَا، وَالْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ يَقُولُ بِهَذَا أَيْضًا.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ نِفَاقِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ عَنْ حُكْمِ كِتَابِ اللهِ، وَحُكْمِ رَسُولِهِ إِلَى حُكْمِ الطَّاغُوتِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ، وَنَاهِيكَ بِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَحُكْمُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا حَقًّا مَا بُيِّنَتِ الدَّعْوَى عَلَى حَقِيقَتِهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا حُكْمُ غَيْرِهِ بِشَرِيعَتِهِ فَقَدْ يَقَعُ فِيهِ الْخَطَأُ بِجَهْلِ الْقَاضِي بِالْحُكْمِ، أَوْ بِتَطْبِيقِهِ عَلَى الدَّعْوَى، يَقُولُ تَعَالَى: وَإِذَا قِيلَ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَهُمْ يُرِيدُونَ التَّحَاكُمَ إِلَى الطَّاغُوتِ: تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ فِي الْقُرْآنِ لِنَعْمَلَ بِهِ وَنُحَكِّمَهُ فِيمَا بَيْنَنَا وَإِلَى الرَّسُولِ لِيَحْكُمَ بَيْنَنَا بِمَا أَرَاهُ اللهُ، رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ أَيْ رَأَيْتَهُمْ وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ ـ جَاءَ بِالظَّاهِرِ بَدَلَ الضَّمِيرِ لِيُبَيِّنَ حَالَهُمْ وَحَالَ أَمْثَالِهِمْ بِالنَّصِّ وَيُبْنَى عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ أَثَرُهُ ـ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست