responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 167
الْأُمَمِ الْحَيَّةِ كَالْحُقُوقِ وَالطِّبِّ وَالْفَلْسَفَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ نَرَى جَمَاهِيرَ عُلَمَاءِ التَّقْلِيدِ مَنَعُوهُ فَلَا تَتَوَجَّهُ نُفُوسُ الطُّلَّابِ إِلَى تَحْصِيلِهِ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ تَعْرِيفَ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ لِلْإِجْمَاعِ وَتَخْصِيصَهُ بِالْمُجْتَهِدِينَ الْمَعْرُوفِينَ بِمَا ذُكِرَ لَا يَتَّفِقُ مَعَ قَوْلِ الْقَائِلِينَ: إِنَّهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، وَلَا عَلَى الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ الْعَالِمِينَ بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ شُرُوطِ الْمُجْتَهِدِ، لَا يَعْرِفُونَ مَصَالِحَ الْأُمَّةِ وَالدَّوْلَةِ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَمَسَائِلِ الْأَمْنِ، وَالْخَوْفِ، وَالسِّلْمِ وَالْحَرْبِ وَالْأَمْوَالِ وَالْإِدَارَةِ وَالسِّيَاسَةِ، بَلْ لَا يُوثَقُ بِعِلْمِهِمُ الَّذِي اشْتَرَطُوهُ فِي أَحْكَامِ الْقَضَاءِ فِي هَذَا الْعَصْرِ الَّذِي تَجَدَّدَ لِلنَّاسِ فِيهِ مِنْ طُرُقِ الْمُعَامَلَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْعُصُورِ الْأُولَى فَيَقِيسُوهُ بِهِ.
ثُمَّ إِنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْرِيفِ الِاجْتِهَادِ وَالْمُجْتَهِدِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُجْتَهِدُونَ مَعْصُومِينَ فِي اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي يُسَمَّى إِجْمَاعًا، وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ يُجِيزُونَ إِجْمَاعَ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ كَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ، وَغَلَا بَعْضُ أَهْلِ الْأُصُولِ، فَقَالُوا: إِنَّ عِصْمَتَهُمْ كَعِصْمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُمْ قَوْلٌ فِيهِ، فَقَالُوا: فِعْلُهُمْ كَفِعْلِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَاخْتَارَهُ الْجُوَيْنِيُّ خِلَافًا لِلْبَاقِلَّانِيِّ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ وُقُوعَ الْخَطَأِ مِنْهُمْ مُحَالٌ، أَخَذُوا هَذَا مِنْ كَوْنِ الْأُمَّةِ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَهَذَا مَعْنًى آخَرُ، عَلَى أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ خَطَأَ الْأُمَّةِ كُلِّهَا إِذَا خَلَتْ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ كَمَا تَقَدَّمَ، فَنَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْنَا الْعَقْلَ وَالدِّينَ، وَنَحْمَدُهُ أَنْ كَانَتْ هَذِهِ الْآرَاءُ مُخْتَلَفًا فِيهَا بَيْنَ الْبَاحِثِينَ، حَتَّى مَنَعَ بَعْضُهُمْ هَذَا الِاجْتِمَاعَ أَلْبَتَّةَ
وَأَحَالَهُ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَعْتَدَّ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَاعْتَدَّ بَعْضُهُمْ بِإِجْمَاعِ الْعِتْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَبَعْضُهُمْ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ، وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ، وَبَعْضُهُمْ مُوَافَقَةَ الْعَوَامِّ.
وَبَعْدَ هَذَا وَذَاكَ نَقُولُ: إِنَّ حَصْرَ الْمُجْتَهِدِينَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ لَا يُمْكِنُ، وَالْعِلْمُ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَفَرُّقِهِمْ لَا يُمْكِنُ ; وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ الْأُصُولِيَّ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَإِذَا أَمْكَنَ فَالْعِلْمُ بِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِالْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ دُونَ الْقَوْلِيِّ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي كَوْنِهِ إِجْمَاعًا، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ لَا إِجْمَاعٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ وَلَا حُجَّةٍ، وَالْقَوْلَ الثَّالِثَ: إِنَّهُ إِجْمَاعٌ ظَنِّيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ: السُّكُوتِيُّ لَا سَبِيلَ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ أَيْضًا ; لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْقَوْلِ مِنْ زَيْدٍ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ صُدُورِ الْقَوْلِ مِنْهُ، وَكَانَ يُطْلِقُ بَعْضُ السَّلَفِ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا خَالَفَهُمْ فِيهَا، وَهَذَا غَيْرُ الْإِجْمَاعِ الَّذِي يَعْتَدُّ بِهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ.
وَرُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَقَدْ كَذَبَ، لَعَلَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا، هَذِهِ دَعْوَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَالْأَصَمِّ ـ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ ـ وَلَكِنْ يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ النَّاسَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست