responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 163
فَإِنْ قِيلَ: أَرَأَيْتَ إِذَا انْتَخَبَتِ الْأُمَّةُ غَيْرَ مَنْ ذَكَرْتُمْ وِفَاقًا لِلرَّازِيِّ، وَالنَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُمْ أُولُو الْأَمْرِ، لِيَكُونُوا هُمُ الْمُسْتَنْبِطِينَ لِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْقَوَانِينِ، وَالْمُشْرِفِينَ عَلَى الْحُكَّامِ وَالْمُسْتَشَارِينَ لَهُمْ، أَيَكُونُ أُولُو الْأَمْرِ مَنْ وَصَفْتُمْ، وَإِنْ لَمْ تَنْتَخِبْهُمُ الْأُمَّةُ، أَمْ يَكُونُونَ هُمُ الْمُنْتَخَبِينَ مِنْ قِبَلِ الْأُمَّةِ وَإِنْ فَقَدُوا تِلْكَ الصِّفَاتِ؟ .
أَقُولُ فِي الْجَوَابِ: إِنَّ الْأُمَّةَ إِذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِمَعْنَى الْآيَةِ، وَمُخْتَارَةً فِي الِانْتِخَابِ عَالِمَةً بِالْغَرَضِ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْتَخِبَ غَيْرَ مَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُمْ هُمْ أَهْلُ الْمَكَانَةِ الْمَوْثُوقُ بِعِلْمِهِمْ وَرَأْيِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ عِنْدَهَا ; لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي تَقُومُ بِهِ مَصْلَحَتُهَا الدِّينِيَّةُ وَالدُّنْيَوِيَّةُ، وَيَتَحَقَّقُ بِهِ الْعَمَلُ بِمَا هَدَاهَا اللهُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِهِ، فَانْتِخَابُهَا إِيَّاهُمْ أَثَرٌ طَبِيعِيٌّ لِثِقَتِهَا بِهِمْ وَلِعِلْمِهَا بِهَدْيِ دِينِهَا، وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلَةً بِمَا ذُكِرَ أَوْ غَيْرَ مُخْتَارَةٍ فِي الِانْتِخَابِ فَلَا يَكُونُ لِانْتِخَابِهَا صِفَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَإِنَّمَا الْخِطَابُ فِي الْآيَةِ لِأُمَّةِ الْإِجَابَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَهِيَ الْمُذْعِنَةُ لِأَمْرِ الْإِسْلَامِ وَنَهْيِهِ الْعَالِمَةُ بِمَا لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ فِيهِ، وَلَعَلَّ جَهْلَ الَّذِينَ كَانُوا يَدْخُلُونَ فِي الْإِسْلَامِ أَفْوَاجًا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ بِهَذَا الْحُكْمِ، وَعَدَمُ مَعْرِفَتِهِمْ لِأُولِي الْأَمْرِ، كَانَ أَحَدَ الْأَسْبَابِ فِي عَدَمِ الْعَمَلِ بِقَاعِدَةِ الِانْتِخَابِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَيَجِبُ انْتِخَابُ جَمِيعِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لِأَجْلِ الِاجْتِمَاعِ لِاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْأُمَّةُ فِي سِيَاسَتِهَا وَإِدَارَتِهَا الْعَامَّةِ أَمْ يُكْتَفَى بِبَعْضِهِمْ؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِأَنْ يَقُومَ بِذَلِكَ مَنْ تَحْصُلُ بِهِمُ الْكِفَايَةُ بِرِضَى الْبَاقِينَ، فَإِذَا فَرَضْنَا أَنَّ الْمَمْلَكَةَ مُؤَلَّفَةٌ مِنْ مِائَةِ مَدِينَةٍ أَوْ نَاحِيَةٍ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَشَرَةٌ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ يَثِقُ أَهْلُهَا بِعِلْمِهِمْ وَرَأْيِهِمْ، وَيَنْقَادُونَ لَهُمْ يَكُونُ مَجْمُوعُ أُولِي
الْأَمْرِ أَلْفَ نَسَمَةٍ، فَإِذَا هُمُ اخْتَارُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِالِانْتِخَابِ، أَوِ الْقُرْعَةِ مِائَةً أَوْ مِائَتَيْنِ لِلْقِيَامِ بِمَا ذُكِرَ حَصَلَ الْمَقْصِدُ بِذَلِكَ وَكَانَ مَا يُقَرِّرُونَهُ إِجْمَاعًا مِنَ الْأُمَّةِ، وَيَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى الْبَاقِينَ فِي الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ بِمَكَانِهِمْ كَالشُّورَى فِي الْقَضَاءِ وَالْإِدَارَةِ، وَهَذَا مَا يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَقْرَبُ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْعَمَلُ بِالْآيَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أُولُو الْأَمْرِ هُمْ أَهْلُ الْإِجْمَاعِ:
بَيَّنَّا أَنَّ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ هِيَ الْأَرْبَعَةُ الْمُبَيَّنَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَطَبَّقَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى الْأُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ ـ وَهِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ ـ وَجَعَلُوا الْآيَةَ حُجَّةً عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِجْمَاعِ، وَهِيَ لَعَمْرِي أَقْوَى دَلَالَةً عَلَيْهِ مِنْ آيَةِ: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى (4: 115) ، الْآيَةَ، بَلْ لَا تَدُلُّ هَذِهِ عَلَى الْإِجْمَاعِ الْأُصُولِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِهَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ، وَجَعَلُوا مَعْنَى رَدِّ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ هُوَ الْقِيَاسَ الْأُصُولِيَّ، وَاشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْإِجْمَاعِ هُمُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْقِيَاسِ، وَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ فِي أَعْضَاءِ مَجْلِسِ النُّوَّابِ الَّذِينَ يُسَمَّوْنَ فِي عُرْفِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست