responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 161
عُمَرَ فِي الصَّدَاقِ، فَاعْتَرَفَ بِخَطَئِهِ وَإِصَابَتِهَا عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَيْفَ بِأُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ يَتْبَعُهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ؟ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عَصَبِيَّةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
إِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَبِدَّ فِيهِمْ إِلَّا مَا كَانَ لِعُثْمَانَ مِنْ عَصَبِيَّةِ بَنِي أُمُيَّةَ، وَلَمْ يُرِدْ هُوَ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِقُوَّتِهِمْ وَعَصَبِيَّتِهِمْ، وَلَمَّا أَخَذَتْهُ الْأُمَّةُ بِظُلْمِهِمْ لَمْ يُغْنُوا عَنْهُ شَيْئًا، فَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ كَانُوا مُخْلِصِينَ فِي مُشَارَكَةِ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْأُمَّةِ فِي الْحُكْمِ، وَالتَّقَيُّدِ بِرَأْيِهِمْ فِيمَا لَا نُصْفَ فِيهِ لِقُوَّةِ دِينِهِمْ ا; وَلِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ مُتَعَيَّنًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي اسْتِطَاعَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ ـ وَالْإِسْلَامُ فِي عُنْفُوَانِ قَوَّتِهِ ـ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ عَصَبِيَّةً يَسْتَبِدُّ بِهَا دُونَ أُولِي الْأَمْرِ إِنْ شَاءَ ـ عَلَى أَنَّهُ لِقُوَّةِ دِينِهِ لَا يَشَاءُ ـ وَهَذِهِ الْحَالُ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي حَالَتْ دُونَ الشُّعُورِ بِالْحَاجَةِ إِلَى وَضْعِ أُولِي الْأَمْرِ لِنِظَامٍ يَكْفُلُ دَوَامَ الْعَمَلِ بِالشُّورَى الشَّرْعِيَّةِ، وَتَقْيِيدِ الْأُمَرَاءِ وَالْحُكَّامِ بِرَأْيِ أُولِي الْأَمْرِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَالِ أُولِي الْأَمْرِ بَعْدَ الرَّاشِدِينَ:
بَنُو أُمَيَّةَ هُمُ الَّذِينَ زُعْزَعُوا بِنَاءَ السُّلْطَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ عَلَى أَسَاسِ الشُّورَى ; إِذْ كَوَّنُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَصَبِيَّةً هَدَمُوا بِهَا سُلْطَةَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ بِالْحِيلَةِ وَالْقُوَّةِ وَحَصَرُوهَا فِي أَنْفُسِهِمْ، فَكَانَ الْأَمِيرُ مُقَيَّدًا بِسُلْطَةِ قَوْمِهِ لَا بِسُلْطَةِ أُولِي الْأَمْرِ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَخَرَجُوا عَنْ هِدَايَةِ الْآيَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا، ثُمَّ جَاءَ الْعَبَّاسِيُّونَ بِعَصَبِيَّةِ الْأَعَاجِمِ مِنَ الْفُرْسِ فَالتُّرْكِ، ثُمَّ كَانَ مِنْ أَمْرِ التَّغَلُّبِ بَيْنَ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ بِعَصَبِيَّاتِهِمْ مَا كَانَ، فَلَمْ تَكُنِ الْحُكُومَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ مَبْنِيَّةً عَلَى أَسَاسِهَا مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَأُولِي الْأَمْرِ، بَلْ جَعَلَتْ أُولِي الْأَمْرِ كَالْعَدَمِ فِي أَمْرِ السُّلْطَةِ الْعَامَّةِ، وَكَانَ تَحَرِّي طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ بِالْعَدْلِ وَرَدِّ الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ دَرَجَاتِ الْأُمَرَاءِ وَالْحُكَّامِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، فَكَانَتْ أَحْكَامُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَأَحْكَامِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِي الْعَدْلِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ أَمَانَةَ الْإِمَامَةِ الْكُبْرَى إِلَى أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ عَصَبِيَّةَ قَوْمِهِ كَانَتْ مُحْتَكِرَةً لَهَا حُبًّا فِي السُّلْطَةِ وَالرِّيَاسَةِ، ثُمَّ كَانَتْ سُلْطَةُ الْمُلُوكِ الْعُثْمَانِيِّينَ بِعَصَبِيَّتِهِمُ الْقَوْمِيَّةِ، وَقُوَّةِ جُيُوشِهِمِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْإِنْكِشَارِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ، أَصْحَابِ الْفِقْهِ وَالرَّأْيِ، الَّذِينَ هُمْ فِي الْمُسْلِمِينَ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، بَلْ كَانُوا أَخْلَاطًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ يَأْخُذُهُمُ السَّلَاطِينُ وَيُرَبُّونَهُمْ تَرْبِيَةً حَرْبِيَّةً، ثُمَّ كَوَّنُوا جُنْدًا إِسْلَامِيًّا، ثُمَّ جُنْدًا مُخْتَلِطًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أُولُو الْأَمْرِ فِي زَمَانِنَا وَكَيْفَ يَجْتَمِعُونَ:
ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ فِي زَمَانِنَا هَذَا هُمْ كِبَارُ الْعُلَمَاءِ وَرُؤَسَاءُ الْجُنْدِ وَالْقُضَاةُ وَكِبَارُ التُّجَّارِ
وَالزُّرَّاعُ، وَأَصْحَابُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَمُدِيرُو الْجَمْعِيَّاتِ وَالشَّرِكَاتِ، وَزُعَمَاءُ الْأَحْزَابِ وَنَابِغُو الْكُتَّابِ وَالْأَطِبَّاءِ وَالْمُحَامِينَ ـ وُكَلَاءُ الدَّعَاوَى ـ الَّذِينَ تَثِقُ بِهِمُ الْأُمَّةُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست