responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 125
الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَمْرِهِمْ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى أَرْضِهِمْ وَدِيَارِهِمْ، وَلِيَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ الْعَظِيمَ الْحَكِيمَ لَا يُحَابِي فِي سُنَنِهِ الْمُطَّرِدَةِ فِي نِظَامِ خَلْقِهِ مُسْلِمًا وَلَا يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا؛ لِأَجْلِ اسْمِهِ وَلَقَبِهِ، أَوْ لِانْتِسَابِهِ بِالِاسْمِ إِلَى أَصْفِيَائِهِ مِنْ خَلْقِهِ، بَلْ كَانَتْ سُنَنُهُ حَاكِمَةً عَلَى أُولَئِكَ الْأَصْفِيَاءِ أَنْفُسِهِمْ حَتَّى إِنَّ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ قَدْ شُجَّ رَأْسُهُ وَكُسِرَتْ سِنُّهُ، وَرُدِيَ فِي الْحُفْرَةِ يَوْمَ أُحُدٍ لِتَقْصِيرِ عَسْكَرِهِ فِيمَا يَجِبُ مِنْ نِظَامِ الْحَرْبِ، فَإِلَى مَتَى أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ هَذَا الْغُرُورُ بِالِانْتِمَاءِ إِلَى هَذَا الدِّينِ، وَأَنْتُمْ لَا تُقِيمُونَ كِتَابَهُ وَلَا تَهْتَدُونَ بِهِ، وَلَا تَعْتَبِرُونَ بِمَا فِيهِ مِنَ النُّذُرِ، أَلَا تَرَوْنَ كَيْفَ عَادَتِ الْكَرَّةُ إِلَى تِلْكَ الْأُمَمِ عَلَيْكُمْ بَعْدَ مَا تَرَكُوا الْغُرُورَ، وَاعْتَصَمُوا بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، بِمَا جَرَى عَلَيْهِ نِظَامُ الِاجْتِمَاعِ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالسُّنَنِ، حَتَّى مَلَكَتْ دُوَلُ الْأَجَانِبِ أَكْثَرَ بِلَادِكُمْ، وَقَامَ الْيَهُودُ الْآنَ لِيُجْهِزُوا عَلَى الْبَاقِي لَكُمْ، وَيَسْتَرِدُّوا الْبِلَادَ الْمُقَدَّسَةَ مِنْ أَيْدِيكُمْ وَيُقِيمُوا فِيهَا مُلْكَهُمْ؟ ! فَاهْتَدُوا بِكِتَابِ اللهِ الْحَكِيمِ وَبِسُنَنِهِ فِي الْأُمَمِ، وَاتْرُكُوا وَسَاوِسَ الدَّجَّالِينَ الَّذِينَ يَبُثُّونَ فِيكُمْ نَزَعَاتِ الشِّرْكِ فَيَصْرِفُونَكُمْ عَنْ قُوَاكُمُ الْعَقْلِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَعَنِ الِاهْتِدَاءِ بِكَلَامِ رَبِّكُمْ إِلَى الِاتِّكَالِ عَلَى الْأَمْوَاتِ، وَالِاسْتِمْسَاكِ بِحَبْلِ الْخُرَافَاتِ، وَيَشْغَلُونَكُمْ عَنْ دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ بِمَا لَمْ يُنْزِلْهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَوْرَادِ وَالصَّلَوَاتِ، وَمَا غَرَضُهُمْ بِذَلِكَ إِلَّا سَلْبُ أَمْوَالِكُمْ، وَحِفْظُ جَاهِهِمُ الْبَاطِلِ فِيكُمْ، أَفِيقُوا أَفِيقُوا، تَنَبَّهُوا تَنَبَّهُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَمْ يَظْلِمْ وَلَا يَظْلِمُ أَحَدًا فَتِيلًا، فَمَا زَالَ مُلْكُكُمْ، وَلَا ذَهَبَ عِزُّكُمْ، إِلَّا بِتَرْكِ هِدَايَةِ رَبِّكُمْ، وَاتِّبَاعِ هَؤُلَاءِ الدَّجَّالِينَ مِنْكُمْ.
انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ أَيِ: انْظُرْ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ كَيْفَ يَكْذِبُونَ عَلَى اللهِ بِتَزْكِيَةِ أَنْفُسِهِمْ وَزَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ شَعْبُهُ الْخَاصُّ وَأَبْنَاؤُهُ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَأَنَّهُ يُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةً خَاصَّةً يَخْرُجُونَ فِيهَا عَنْ نِظَامِ سُنَنِهِ فِي سَائِرِ خَلْقِهِ، وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِلتَّعْجِيبِ مِنْ شَأْنِهِمْ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ لِنَعْتَبِرَ بِهِ.
وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا أَيْ: وَكَفَى بِهَذَا الضَّرْبِ مِنْ آثَامِهِمْ إِثْمًا بَيِّنًا ظَاهِرًا، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُعَامِلْهُمْ مُعَامَلَةً خَاصَّةً مُخَالِفَةً لِسُنَنِ الِاجْتِمَاعِ الْبَشَرِيِّ الَّتِي عَامَلَ بِهَا غَيْرَهُمْ،
وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مَغْرُورُونَ جَاهِلُونَ، وَقَدْ أُطْلِقَ الْإِثْمُ عَلَى الْكَذِبِ خَاصَّةً، وَعَلَى كُلِّ ذَنْبٍ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْإِثْمُ وَالْآثَامُ: اسْمٌ لِلْأَفْعَالِ الْمُبْطِئَةِ عَنِ الثَّوَابِ، يَعْنِي عَنِ الْخَيْرَاتِ الَّتِي يُثَابُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا، ثُمَّ بَيَّنَ صِدْقَ ذَلِكَ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ; إِذْ قَالَ تَعَالَى: فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ (2: 219) ، وَلَا شَكَّ أَنَّ تَزْكِيَةَ النَّفْسِ، وَالْغُرُورَ بِالدِّينِ وَالْجِنْسِ، مِمَّا يُبَطِّئُ عَنِ الْعَمَلِ النَّافِعِ الَّذِي يُثَابُ عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الدُّنْيَا بِالْعِزِّ وَالسِّيَادَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْحُسْنَى وَزِيَادَةٍ، وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ (2: 219) ، أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ لَفْظُ " الْإِثْمِ " إِلَّا عَلَى مَا كَانَ ضَارًّا، وَأَيُّ ضَرَرٍ أَكْبَرُ مِنْ ضَرَرِ الْغُرُورِ وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ بِالدَّعْوَى وَالتَّبَجُّحِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُسْلِمُونَ الْآنَ فِي بَعْضِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 5  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست