responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 304
عَلَى فَرْضِ أَنْ يَمْلِكَهُ بِأَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ جَزَاءَ نَجَاتِهِ وَالْعَفْوَ عَنْهُ كَمَا يَفْعَلُ النَّاسُ مَعَ الْحُكَّامِ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْضًا. قَالَ - تَعَالَى - فِي وَعِيدِ الْمُنَافِقِينَ: فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ
فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [57: 15] بَلْ لَا تُقْبَلُ الْفِدْيَةُ مِنْ غَيْرِهِمْ أَيْضًا، كَمَا فِي آيَاتٍ أُخْرَى عَامَّةٍ، وَلَيْسَتْ عِلَّةُ ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ كَوْنِ اللهِ - تَعَالَى - غَنِيًّا عَنِ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُفْتَدَى بِهِ، فَإِنَّهُ - تَعَالَى - غَنِيٌّ أَيْضًا عَنْ إِيمَانِ النَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ، وَإِنَّمَا عِلَّتُهُ أَنَّهُ - تَعَالَى - لَمْ يَجْعَلْ أَمْرَ نَجَاةِ النَّاسِ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَلَا أَمْرَ فَوْزِهِمْ بِنَعِيمِهَا مِمَّا يَكُونُ بِالْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ كَمَالٌ يُبْذَلُ وَعَظِيمٌ يَنْفَعُ، بَلْ جَعَلَ ذَلِكَ أَمْرًا مُتَعَلِّقًا بِأَمْرٍ دَاخِلِيٍّ، مُتَعَلِّقًا بِجَوْهَرِ النَّفْسِ، فَمَنْ زَكَّاهَا بِالْإِيمَانِ مَعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ أَفْلَحَ وَمَنْ دَسَّاهَا بِالْكُفْرِ وَالْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ خَابَ وَخَسِرَ - رَاجِعْ تَفْسِيرَ وَاتَّقُوا يَوْمًا [2: 48، 123] إِلَخْ - وَتَفْسِيرَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ [2: 254] إِلَخْ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي الْآيَةِ: الْكَلَامُ فِي هَذَا الْجَزَاءِ مِنَ التَّمْثِيلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ حَاجَةٌ إِلَى الذَّهَبِ وَلَا إِلَى إِنْفَاقِهِ، لِأَنَّ الْأَشْقِيَاءَ لَا نَصِيرَ لَهُمْ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَالْأَوْلِيَاءُ فِي غِنًى بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ عَمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِلِافْتِدَاءِ لَوْ أُرِيدَ. لَيْسَ عِنْدَنَا عَنْهُ غَيْرُ هَذَا.
أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ يَنْصُرُونَهُمْ بِدَفْعِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ أَوْ إِيصَالِ الْخَيْرِ إِلَيْهِمْ، أَيْ لَا يَجِدُونَ لَهُمْ نَصِيرًا مَا، كَمَا تُفِيدُهُ (مِنْ) الدَّالَّةُ عَلَى اسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ وَيُسَمُّونَهَا زَائِدَةً ; لِأَنَّهَا لَا مُتَعَلِّقَ لَهَا فِي اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ لَا لِأَنَّهَا لَا مَعْنَى لَهَا فِي الْكَلَامِ.
وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ مَعَ الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ: أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: فَلَنْ يُقْبَلَ وَفِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا: لَنْ تُقْبَلَ بِغَيْرِ فَاءٍ، وَقَدْ بَيَّنَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ النُّكْتَةَ فِي ذَلِكَ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ فِيهَا، قَالَ: " قَدْ أُوذِنَ بِالْفَاءِ لِأَنَّ الْكَلَامَ بُنِيَ عَلَى الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَأَنَّ سَبَبَ امْتِنَاعِ قَبُولِ الْفِدْيَةِ هُوَ الْمَوْتُ عَلَى الْكُفْرِ، وَبِتَرْكِ الْفَاءِ أَنَّ الْكَلَامَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى التَّسَبُّبِ، كَمَا تَقُولُ: الَّذِي جَاءَنِي لَهُ دِرْهَمٌ، لَمْ تَجْعَلِ الْمَجِيءَ سَبَبًا فِي اسْتِحْقَاقِ الدِّرْهَمِ، بِخِلَافِ قَوْلِكَ: فَلَهُ دِرْهَمٌ " أَيْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الدِّرْهَمَ جَزَاءً لِمَجِيئِهِ، وَالنُّكْتَةُ فِي غَايَةِ الْجَلَاءِ وَالظُّهُورِ. فَإِنَّ عَدَمَ قَبُولِ تَوْبَةِ أُولَئِكَ لَيْسَ مُسَبَّبًا عَنْ كَوْنِهِمْ كَفَرُوا، وَلَا عَنْ كَوْنِهِمُ ازْدَادُوا كُفْرًا ; لِأَنَّ الْكَافِرَ وَمَنِ ازْدَادَ كُفْرًا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمَا إِذَا صَحَّتْ، وَقَدْ عُلِمَ سَبَبُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ.
وَمِنْهَا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَوْقِعِ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوِ افْتَدَى بِهِ عَلَى ظُهُورِهِ فِيمَا جَرَيْنَا عَلَيْهِ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُ الزَّجَاجِ النَّحْوِيِّ: إِنَّهَا لِلْعَطْفِ وَالتَّقْدِيرُ لَوْ تَقَرَّبَ إِلَى اللهِ بِمَلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَلَوِ افْتَدَى بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. قَالَ الرَّازِيُّ: وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ. قَالَ: وَهَذَا أَوْكَدُ فِي التَّغْلِيظِ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِنَفْيِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست