responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 284
الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ، وَمِنْهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقَارِئُ شَيْئًا بِالْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَقْرَأُ بِهَا الْكِتَابَ مِنْ جَرْسِ الصَّوْتِ وَطَرِيقَةِ النَّغَمِ وَإِظْهَارِ الْخُشُوعِ لِيَحْسَبَهُ السَّامِعُ مِنَ الْكِتَابِ فَيَقْبَلُهُ، وَلَا أَذْكُرُ أَنَّ أَحَدًا نَبَّهَ عَلَيْهِ. وَلَفْظُ اللَّيِّ يَتَنَاوَلُهُ وَهُوَ مِمَّا يَتَبَادَرُ إِلَى أَذْهَانِ الْمُوهَمِينَ، وَقَدْ رَأَيْنَا مِنَ الْمُتَسَاهِلِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَأْتِيهِ مَازِحًا بِأَنْ يَقْرَأَ مِنْ كِتَابٍ مَا جَمُلًا بِالتَّجْوِيدِ الَّذِي يَقْرَأُ بِهِ الْقُرْآنَ لِيُوهِمَ الْجَاهِلَ أَوْ يَخْتَبِرَهُ. وَيُرْوَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ أَوْهَمَ امْرَأَتَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَهُوَ مِمَّا لَا يُصَدَّقُ عَلَى صَحَابِيٍّ جَلِيلٍ مِثْلِهِ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: هَذَا اللَّيُّ هُوَ أَنْ يُعْطِيَ النَّاطِقُ لِلَّفْظِ مَعْنًى آخَرَ غَيْرَ الْمَعْنَى الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ. مِثَالُ ذَلِكَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى لِسَانِ سَيِّدِنَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَكَلِمَةِ ابْنِ اللهِ وَتَسْمِيَةِ اللهِ أَبًا لَهُ وَأَبًا لِلنَّاسِ فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ اسْتِعْمَالًا مَجَازِيًّا، وَلَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَنَقَلَهُ إِلَى الْحَقِيقَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَسِيحِ وَحْدَهُ أَيْ فَهُمْ يُفَسِّرُونَ لَفْظًا بِغَيْرِ مَعْنَاهُ الْمُرَادِ فِي الْكِتَابِ يُوهِمُونَ النَّاسَ أَنَّ الْكِتَابَ جَاءَ بِذَلِكَ كَمَا قَالَ: لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ كَاذِبُونَ.
أَكَّدَ الْخَبَرَ بِتَعَمُّدِهِمُ التَّحْرِيفَ وَسَجَّلَ الْكَذِبَ الصَّرِيحَ عَلَيْهِمْ ; كَأَنَّهُ يَقُولُ إِنَّهُمْ لَا يُعَرِّضُونَ وَلَا يُوَرُّونَ وَإِنَّمَا يُصَرِّحُونَ بِالْكَذِبِ تَصْرِيحًا لِفَرْطِ جَرَاءَتِهِمْ وَعَدَمِ خَوْفِهِمْ مِنَ اللهِ - تَعَالَى - لِأَنَّ الدِّينَ عِنْدَهُمْ رَسْمٌ ظَاهِرٌ وَجِنْسِيَّةٌ هِيَ مَصْدَرُ الْغُرُورِ ; إِذْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ يُغْفَرُ لَهُمْ جَمِيعُ مَا يَجْتَرِمُونَ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ، وَمِنْ سُلَالَةِ أُولَئِكَ النَّبِيِّينَ، وَهَكَذَا حَالُ الَّذِينَ اتَّبَعُوا سُنَنَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يَقُولُونَ إِنَّ الْمُسْلِمَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتْمًا، مَهْمَا كَانَتْ سِيرَتُهُ سَيِّئَةً وَعَمَلُهُ قَبِيحًا.
فَإِنْ لَمْ تُدْرِكْهُ الشَّفَاعَاتُ أَدْرَكَتْهُ الْمَغْفِرَةُ، وَيَعْنُونَ بِالْمُسْلِمِ مَنِ اتَّخَذَ الْإِسْلَامَ جِنْسًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالْأَحَادِيثِ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، بَلْ صَدَقَ عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي وَصْفِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ.
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست