responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 236
عِلَّةَ إِبْدَاعِهِ، وَفِي كُلِّ مُخْتَرَعٍ أُعْجِبَ بِهِ الْحِكْمَةَ الْعَامَّةَ فِي الْإِقْدَارِ عَلَى اخْتِرَاعِهِ:
إِذَا لَمْ تُشَاهِدْ غَيْرَ حُسْنِ شِيَاتِهَا ... وَأَعْضَائِهَا فَالْحُسْنُ عَنْكَ مُغَيَّبُ
فَهَذَا هُوَ حُبُّ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ; حُبُّهُ فِي كُلِّ مَحْبُوبٍ لِمُشَاهَدَةِ جَمَالِهِ فِي كُلِّ جَمِيلٍ،
وَرُؤْيَةِ إِبْدَاعِهِ فِي كُلِّ بَدِيعٍ، وَمَعْرِفَةِ كَمَالِهِ فِي كُلِّ كَامِلٍ ; لِأَنَّهُ مَصْدَرُ كُلِّ شَيْءٍ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ [32: 7] هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [57: 3] وَأَمَّا حُبُّهُ - تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ - لِعِبَادِهِ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَتَّبِعُونَ رَسُولَهُ الَّذِي هَدَاهُمْ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى سَبِيلِ حُبِّهِ وَعِبَادَتِهِ، فَهُوَ شَأْنٌ مِنْ شُئُونِهِ الْإِلَهِيَّةِ فِي عِبَادِهِ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا مَنْ ذَاقَهُ، وَعَرَفَ وَصْلَ الْحَبِيبِ وَفِرَاقَهُ، وَصَارَ مَظْهَرًا مِنْ مَظَاهِرِ حِكْمَتِهِ، وَمَجْلًى مِنْ مَجَالِي إِبْدَاعِهِ، وَمَصْدَرًا مِنْ مَصَادِرِ الْخَيْرِ فِي عِبَادِهِ، وَرُوحًا مِنْ أَرْوَاحِ النِّظَامِ فِي خَلْقِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِذَا تَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِ اللهِ، وَتَحَقَّقَ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ - جَلَّ عُلَاهُ -، حَتَّى صَارَ فِي نَفْسِهِ مِنْ خُلَفَاءِ اللهِ، كَمَا أَرْشَدَهُ كِتَابُ اللهِ، وَلَا يُمْكِنُ الْإِفْصَاحُ عَنْ هَذَا الْمَقَامِ ; لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِالذَّوْقِ لَا بِالْكَلَامِ، وَإِنَّمَا يَذُوقُهُ مَنْ أَحَبَّ اللهَ، وَعَرَفَ كَيْفَ يُعَامِلُ مَنْ أَحَبَّهُ وَاصْطَفَاهُ، فَاعْمَلْ لِذَلِكَ لِتَعْرِفَ مَا هُنَالِكَ.
تَحَبَّبْ فَإِنَّ الْحُبَّ دَاعِيَةُ الْحُبِّ ... وَكَمْ مِنْ بَعِيدِ الدَّارِ مُسْتَوْجِبُ الْقُرْبِ
إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست