responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 233
التَّعْبِيرِ بِأَخْذِهَا بِالْيَمِينِ أَخْذُهَا بِالْقَبُولِ الْحَسَنِ، وَمِنْ أَخْذِهَا بِالشِّمَالِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ الظَّهْرِ أَخْذِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالِامْتِعَاضِ.
أَقُولُ: وَكَيْفَ لَا تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مُحْضَرًا فَتُسَرُّ الْمُحْسِنَةُ وَتَنْعَمُ بِمَا أَحْسَنَتْ، وَتَبْتَئِسُ الْمُسِيئَةُ وَتُغَمُّ بِمَا أَسَاءَتْ، وَتَوَدُّ لَوْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ، وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ مَرْسُومَةٌ فِي صَحَائِفِ هَذِهِ الْأَنْفُسِ وَهِيَ صِفَاتٌ لَهَا، وَعَنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ صَدَرَتْ تِلْكَ الْحَرَكَاتُ فَزَادَتِ الصِّفَاتُ رُسُوخًا وَالنُّقُوشُ فِي النَّفْسِ تَمَكُّنًا، حَتَّى ارْتَقَتْ بِالْمُحْسِنِ إِلَى عِلِّيِّينَ، حَيْثُ كِتَابُ الْأَبْرَارِ، وَهَبَطَتْ بِالْمُسِيءِ إِلَى سِجِّينَ، حَيْثُ كِتَابُ الْفُجَّارِ. وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ مِنْ وَرَائِكُمْ مُحِيطٌ، وَسُنَّتُهُ فِي تَأْثِيرِ الْأَعْمَالِ فِي النُّفُوسِ وَجَعْلِ آثَارِ أَعْمَالِهَا مَصْدَرًا لِجَزَائِهَا حَاكِمَةً عَلَيْكُمْ، أَفَلَا يَجِبُ عَلَيْكُمْ - وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ - أَنْ تَحْذَرُوهُ بِمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخَيْرِ وَالْمَيْلِ إِلَيْهِ بِتَرْجِيحِهِ عَلَى مَا يَعْرِضُ عَلَى الْفِطْرَةِ مِنْ تَزْيِينِ عَمَلِ السُّوءِ وَالتَّوْبَةِ إِلَيْهِ - سُبْحَانَهُ - مِمَّا غُلِبْتُمْ عَلَيْهِ فِي الْمَاضِي وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ وَمِنْ رَأْفَتِهِ أَنْ جَعَلَ الْفِطْرَةَ سَلِيمَةً مَيَّالَةً بِطَبْعِهَا إِلَى الْخَيْرِ، وَتَتَأَلَّمُ مِمَّا يَعْرِضُ لَهَا مِنَ الشَّرِّ، وَأَنْ جَعَلَ لِلْإِنْسَانِ أَنْوَاعًا مِنَ الْهِدَايَاتِ يَرْجَحُ بِهَا الْخَيْرُ عَلَى الشَّرِّ كَالْعَقْلِ وَالدِّينِ، وَأَنْ جَعَلَ جَزَاءَ الْخَيْرِ مُضَاعَفًا، وَأَنْ جَعَلَ أَثَرَ الشَّرِّ فِي النَّفْسِ قَابِلًا لِلْمَحْوِ بِالتَّوْبَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَأَنْ أَكْثَرَ التَّحْذِيرَ مِنْ عَاقِبَةِ السُّوءِ لِيَذْكُرَ الْإِنْسَانُ وَلَا يَنْسَى، لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى.
وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ فِي الْآيَةِ: دُخُولُ الْحَرْفِ الْمَصْدَرِيِّ عَلَى مِثْلِهِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: (لَوْ أَنَّ) قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ الْفَصِيحِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى جَعْلِ الْأَصْلِ فِيهِ الْمَنْعَ وَتَأْوِيلَ مَا سُمِعَ مِنْهُ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْأَمَدِ فَقِيلَ: الْغَايَةُ، وَقِيلَ: الْأَجَلُ، وَقِيلَ: الْمَكَانُ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْأَمَدُ وَالْأَبَدُ يَتَقَارَبَانِ، لَكِنَّ الْأَبَدَ عِبَارَةٌ عَنْ مُدَّةٍ مِنَ الزَّمَانِ لَيْسَ لَهَا حَدٌّ مَحْدُودٌ وَلَا يَتَقَيَّدُ، لَا يُقَالُ: أَبَدَ كَذَا، وَالْأَمَدُ مُدَّةٌ لَهَا حَدٌّ مَجْهُولٌ إِذَا أُطْلِقَ وَقَدْ يَنْحَصِرُ نَحْوَ أَنْ يُقَالَ: أَمَدُ كَذَا كَمَا يُقَالُ: زَمَانُ كَذَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْأَمَدِ أَنَّ الْأَمَدَ يُقَالُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَةِ، وَالزَّمَانُ
عَامٌّ فِي الْمَبْدَأِ وَالْغَايَةِ ; وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَدَى وَالْأَمَدُ يَتَقَارَبَانِ.
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست