responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 224
هَذَا وَلَا عِزَّ أَعْلَى مِنْ عِزِّ الِاجْتِمَاعِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى نَشْرِ دَعْوَةِ الْحَقِّ وَمُقَاوَمَةِ الْبَاطِلِ إِذَا اتَّبَعَ الْمُجْتَمِعُونَ سُنَّةَ اللهِ - تَعَالَى - فَأَعَدُّوا لِكُلِّ أَمْرٍ عُدَّتَهُ، وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ فِي مَكَّةَ وَالْيَهُودُ وَمُنَافِقُو الْعَرَبِ فِي الْمَدِينَةِ يَعْتَزُّونَ بِكَثْرَتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [63: 8] فَعَسَى أَنْ يَعْتَبِرَ الْمُسْلِمُونَ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِهَذَا وَيَفْقَهُوا مَعْنَى كَوْنِ الْعِزَّةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَيُحَاسِبُوا أَنْفُسَهُمْ وَيُنْصِفُوا مِنْهَا لِيَعْلَمُوا مَكَانَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ الَّذِي حَكَمَ اللهُ لِصَاحِبِهِ بِالْعِزَّةِ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [47: 24] .
بِيَدِكَ الْخَيْرُ قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: قَدَّرَ الْمُفَسِّرُ (الْجَلَالُ) هُنَا كَلِمَةَ " وَالشَّرُّ " هَرَبًا مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ نَفْيٌ لِكَوْنِ الشَّرِّ بِيَدِهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إِثْبَاتٌ لَهُ فَلَا مَعْنًى لِتَصَادُمِ الْمَذَاهِبِ فِيهَا وَحَسْبُنَا قَوْلُهُ: إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَيْ فِي إِثْبَاتِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِيَدِهِ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَالْبَلَاغَةُ قَاضِيَةٌ بِذِكْرِ الْخَيْرِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ السَّبَبُ فِي نُزُولِ الْآيَةِ خَاصًّا وَهُوَ مَا كَانَ فِي وَاقِعَةِ الْخَنْدَقِ مِنْ بِشَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مُلْكَ أُمَّتِهِ سَيَبْلُغُ كَذَا وَكَذَا أَوْ عَامًّا وَهُوَ حَالُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْمُنْكِرِينَ فَإِنَّهُ مَا أَغْرَى أُولَئِكَ الْمُجَاحِدِينَ بِإِنْكَارِ النُّبُوَّةِ وَالِاسْتِهَانَةِ بِدَعْوَةِ الْحَقِّ إِلَّا فَقْرُ الدَّاعِي وَضَعْفُ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقِلَّتُهُمْ، فَأَمَرَهُ اللهُ - تَعَالَى - أَنْ يَلْجَأَ هُوَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ إِلَى مَالِكِ الْمُلْكِ وَالْمُتَصَرِّفِ التَّصَرُّفَ الْمُطْلَقَ فِي الْإِعْزَازِ وَالْإِذْلَالِ، وَذَكَّرَهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِأَنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ بِيَدِهِ فَلَا يُعْجِزُهُ أَنْ يُؤْتِيَ نَبِيَّهُ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنَ السِّيَادَةِ وَالسُّلْطَانِ مَا وَعَدَهُمْ، وَأَنْ يُعِزَّهُمْ وَيُعْطِيَهُمْ مِنَ الْخَيْرِ مَا لَا يَخْطُرُ بِبَالِ الَّذِينَ يَسْتَضْعِفُونَهُمْ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ [28: 5] عَلَى هَذَا الْأَصْلِ أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ بِأَنْ يَدْعُوَهُ - وَالْمُؤْمِنُونَ تَبَعٌ لَهُ - بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ
وَيَلْجَئُوا إِلَيْهِ بِهَذِهِ الرَّغْبَةِ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ الْخَيْرِ الَّذِي وُعِدُوا بِهِ فَقَطْ، وَأَنَّهُ بِيَدِهِ وَحْدَهُ. وَأَقُولُ: إِنَّهُ لَا يُسْنَدُ إِلَى يَدِهِ - تَعَالَى - أَوْ يَدَيْهِ إِلَّا النِّعَمُ الْجَلِيلَةُ وَالْمَخْلُوقَاتُ الشَّرِيفَةُ، فَلَا يُقَالُ: إِنَّ الشَّرَّ بِيَدِ اللهِ - تَعَالَى -، عَلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا خَلَقَهُ اللهُ - تَعَالَى - وَدَبَّرَهُ هُوَ خَيْرٌ فِي نَفْسِهِ، وَالشَّرُّ أَمْرٌ عَارِضٌ مِنَ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ ; فَلَا تُوجَدُ حَقِيقَةٌ هِيَ شَرٌّ فِي ذَاتِهَا وَإِنَّمَا يُطْلَقُ لَفْظُ الشَّرِّ عَلَى مَا يَأْتِي غَيْرَ مُلَائِمٍ لِلْأَحْيَاءِ ذَاتِ الْإِدْرَاكِ، وَلَا مُنْطَبِقٍ عَلَى مَصَالِحِهِمْ وَمَنَافِعِهِمْ، وَسَبَبُ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ سُوءُ عَمَلِهِمْ الِاخْتِيَارِيِّ، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ أَنْ تُقَوِّضَ الرِّيحُ لَهُمْ بِنَاءً أَوْ يَجْرُفَ السَّيْلُ لَهُمْ رِزْقًا، وَكُلٌّ مِنَ الرِّيحِ وَالسَّيْلِ مِنْ أَعْظَمِ الْخَيْرَاتِ فِي ذَاتِهِمَا، وَمِنَ الْخَيْرِ وَالنِّعَمِ مَا قَدَّرَتْهُ السُّنَنُ الْإِلَهِيَّةُ وَأَخْبَرَ بِهِ الْوَحْيُ مِنْ تَرْتِيبِ الْعِقَابِ عَلَى الْعَمَلِ السَّيِّئِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ مُرَبٍّ لِلنَّاسِ وَعَوْنٌ لَهُمْ عَلَى الِارْتِقَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالسَّعَادَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ تَدَبَّرَ سُورَةَ الرَّحْمَنِ فَقِهَ مَا نَقُولُ. وَلِلْإِمَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ كَلَامٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا بَأْسَ بِإِيرَادِهِ هُنَا.
قَالَ فِي كِتَابِ (شَرْحِ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ) وَنَقَلَهُ السَّفَارِينِيُّ فِي شَرْحِ عَقِيدَتِهِ مَا نَصُّهُ:
"

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست