responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 221
لَا مِنْ شَيْءٍ خَارِجٍ عَنْهَا، يَكُونُ بِمَا أَحْدَثَتْهُ أَعْمَالُهُمْ فِيهَا مِنَ الصِّفَاتِ الْحَسَنَةِ أَوِ الْقَبِيحَةِ وَمُقَدَّرَةٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَيَرَوْنَ أَنَّ النَّاسَ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْجَزَاءِ لَا امْتِيَازَ فِيهِ بَيْنَ الشُّعُوبِ وَإِنْ سُمِّيَ بَعْضُهَا بِشَعْبِ اللهِ، وَلَا بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَإِنْ لَقَّبُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَبْنَاءِ اللهِ، بَلْ يَرَوْنَ هُنَالِكَ الْعَدْلَ الْأَكْمَلَ ; وَلِذَلِكَ قَالَ: وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ أَيِ النَّاسُ الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ بِلَفْظِ كُلُّ نَفْسٍ أَيْ لَا يَنْقُصُ مِنْ جَزَاءِ أَحَدٍ بِمَا كَسَبَ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ.
وَقَدْ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ كَلِمَةً أُحِبُّ التَّنْبِيهَ عَلَى مَا فِيهَا، قَالُوا: فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تُحْبَطُ، وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ ; لِأَنَّ تَوْفِيَةَ جَزَاءِ إِيمَانِهِ وَعَمَلِهِ لَا تَكُونُ فِي النَّارِ وَلَا قَبْلَ دُخُولِهَا، فَإِذَنْ هِيَ بَعْدَ الْخَلَاصِ مِنْهَا، وَالْعِبَارَةُ لِلْبَيْضَاوِيِّ وَنَقَلَهَا أَبُو السُّعُودِ كَعَادَتِهِ. وَأَقُولُ: إِنَّ الْكَسْبَ هُنَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْعِبَادَةِ وَالْإِيمَانِ، بَلْ هُوَ عَامٌّ شَامِلٌ لِكُلِّ مَا عَمِلَهُ الْعَبْدُ مِنْ خَيْرٍ، فَإِذَا أَرَادُوا أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى الْكَسْبِ - كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ - لَزِمَهُمْ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَحْسَنَ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ - وَلَا يُوجَدُ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ لَا يُحْسِنُ عَمَلًا قَطُّ - وَجَبَ
أَنْ يُجَازَى عَلَيْهِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ ; وَلِذَلِكَ خَصَّصُوا وَأَخْرَجُوا الْآيَةَ عَنْ ظَاهِرِهَا، وَإِذَا نَحْنُ جَمَعْنَا بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي وَرَدَتْ رَدًّا لِقَوْلِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ لَنْ تَمَسَّهُمُ النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً وَآيَةِ الْبَقَرَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَ اللهِ فِي الْجَزَاءِ عَلَى كَسْبِ الْإِنْسَانِ بِحَسْبِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِتَأْثِيرِ الْعَمَلِ فِي النَّفْسِ، فَإِذَا كَانَ أَثَرُهُ السَّيِّئُ قَدْ أَحَاطَ بِعِلْمِهَا وَشُعُورِهَا وَاسْتَغْرَقَ وِجْدَانَهَا كَانَتْ خَالِدَةً فِي النَّارِ ; لِأَنَّ الْعَمَلَ السَّيِّئَ لَمْ يَدَعْ لِلْإِيمَانِ أَثَرًا صَالِحًا فِيهَا يُعِدُّهَا لِدَارِ الْكَرَامَةِ، بَلْ جَعَلَهَا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْهَوَانِ بِطَبْعِهَا، وَإِذَا لَمْ يَصِلْ إِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ بِأَنْ غَلَبَ عَلَيْهَا تَأْثِيرُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ أَوِ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، فَكَانَتْ بَيْنَ بَيْنَ جُوزِيَتْ عَلَى كُلٍّ بِحَسَبِ دَرَجَتِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا. وَلَيْسَ عِنْدَنَا شَيْءٌ عَنِ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَكِنْ مَا قُلْنَاهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَرَّرَهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست