responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 214
وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَةِ الدِّينِ وَوُجُوبِ الِاعْتِصَامِ بِهِ وَحُرْمَةِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ فِيهِ، وَهِيَ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ يُحَاسِبُ مَنْ كَفَرَ فَيُجَازِيهِ بِمَا يَسْتَحِقُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ سَرِيعُ الْحِسَابِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ (2: 202) فَلْيُرَاجَعْ.
أَمَّا هَذَا الْكُفْرُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ الْإِذْعَانِ لِهَذِهِ الْآيَاتِ وَالِامْتِثَالِ لَهَا، وَمِنْ لَوَازِمِهِ تَأْوِيلُهَا بِمَا يَصْرِفُهَا عَنْ مَعْنَاهَا لِتُوَافِقَ مَذَاهِبَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ.
كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو الْيَهُودَ فِي الْمَدِينَةِ إِلَى تَرْكِ مَا أَحْدَثُوهُ فِي دِينِهِمْ وَمَا اعْتَادُوهُ مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّأْوِيلِ، وَإِلَى الرُّجُوعِ إِلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ إِسْلَامُ الْوَجْهِ لِلَّهِ وَالْإِخْلَاصُ لَهُ فِي كُلِّ عَمَلٍ كَمَا نَطَقَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي وَرَدَ أَنَّهَا نَزَلَتْ عِنْدَ مَجِيءِ وَفْدِ نَصَارَى نَجْرَانَ. فَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: (فَإِنْ حَاجُّوكَ) يَعْنِي بِهِ أَهْلَ الْكِتَابِ أَوْ عَامًّا، أَيْ فَإِنْ جَادَلُوكَ بَعْدَ أَنْ جِئْتَهُمْ بِالْحَقِّ الْيَقِينِ، وَأَقَمْتَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَاتِ وَالْبَرَاهِينَ، وَدَمَغْتَ الْبَاطِلَ بِالْآيَاتِ وَالدَّلَائِلِ، فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ أَيْ أَقْبَلْتُ عَلَيْهِ بِعِبَادَتِي مُخْلِصًا لَهُ مُعْرِضًا عَمَّا سِوَاهُ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ مَنْ يَقْصِدُ إِلَى الْحِجَاجِ بَعْدَ تَأْيِيدِ الْحَقِّ وَتَفْنِيدِ الْبَاطِلِ لَا يَقْصِدُ إِلَّا إِلَى الْمُجَادَلَةِ وَالْمُشَاغَبَةِ لِمَحْضِ الْعِنَادِ وَالْمُشَاكَسَةِ وَذَلِكَ شَأْنُ الْمُبْطِلِينَ، وَأَمَّا طَالِبُ الْحَقِّ فَإِنَّهُ يَبْخَلُ بِالْوَقْتِ أَنْ يَضِيعَ سُدًى وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَيْ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ وَكَانُوا يَنْسُبُونَ إِلَى الْأُمِّ لِجَهْلِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَخَصَّ هَؤُلَاءِ بِالذِّكْرِ - وَالْبِعْثَةُ عَامَّةٌ - لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ خَاطَبَهُمُ الرَّسُولُ بِالدَّعْوَةِ بِلَا وَاسِطَةٍ أَأَسْلَمْتُمْ كَمَا أَسْلَمْتُ لَمَّا وَضَحَتْ لَكُمُ الْحُجَّةُ أَمْ لَا؟ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [5: 91] وَفِيهِ تَعْبِيرٌ لَهُمْ بِالْبَلَادَةِ أَوِ
الْمُعَانَدَةِ اهـ. قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ رُوحُ الدِّينِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ وَمَقْصِدُهُ، يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الرُّسُومُ مِنْهُ فَإِنْ أَسْلَمُوا هَذَا الْإِسْلَامَ فَقَدِ اهْتَدَوْا قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: لِأَنَّ هَذَا هُوَ رُوحُ الدِّينِ، فَمَنْ أَصَابَهُ فَهُوَ عَلَى هِدَايَةٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنْ غَشِيَهُ مَعَ ذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ الْبَاطِلِ الصُّورِيِّ فَهُوَ لَا يَلْبَثُ أَنْ يَزُولَ مَتَى ظَهَرَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِهِ ; وَلِذَلِكَ كَانَ إِسْلَامُهُمْ هَذَا لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَتْبِعَ اتِّبَاعَكَ فِيمَا جِئْتَ بِهِ ; لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ نَيِّرُ الْقَلْبِ مُتَوَجِّهٌ دَائِمًا إِلَى طَلَبِ الْحَقِّ، فَهُوَ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَى

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست