responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 208
نَفْسَ الصَّادِقِ فِي إِيمَانِهِ وَأَخْلَاقِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ فَيَمْنَعُهَا اسْتِحْقَاقُ الْمَغْفِرَةِ؟ أَلَيْسَ أَسْوَأُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُلِمَّ بِهِ الصَّادِقُ مِنَ الذَّنْبِ بَادِرَةُ غَضَبٍ لَا تَلْبَثُ أَنْ تَفِيءَ، أَوْ نَزْوَةُ شَهْوَةٍ لَا تَمْكُثُ أَنْ تَسْكُنَ فَيَكُونُ مَسُّ طَائِفِ الشَّيْطَانِ ضَعِيفًا قَصِيرَ الْأَمَدِ لَا يَقْوَى عَلَى إِضْعَافِ فَضِيلَةِ تِلْكَ النَّفْسِ الْقَوِيَّةِ بِالصِّدْقِ وَلَا عَلَى إِطْفَاءِ نُورِهَا؟ وَقَدْ فَسَّرُوا الْقَانِتِينَ بِالْمُطِيعِينَ وَبِالْمُدَاوِمِينَ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَنَّ الْقُنُوتَ: هُوَ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْخُشُوعِ وَالضَّرَاعَةِ، أَيْ عَلَى رُوحِ الْعِبَادَةِ وَلُبَابِهَا [لَا] عَلَى صُوَرِهَا وَرُسُومِهَا فَقَطْ: وَالْمُنْفِقُونَ مَعْرُوفُونَ، وَلَمْ يُعَيِّنِ النَّفَقَةَ وَلَا الْمُنْفَقَ عَلَيْهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمُ الْمُنْفِقُونَ لِلْمَالِ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ الْمَشْرُوعَةِ مِنْ وَاجِبَةٍ وَمُسْتَحَبَّةٍ، وَلَا يَمْنَعُونَ حَقًّا
وَلَا يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَفَسَّرَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ الْمُسْتَغْفِرِينَ هُنَا بِالْمُصَلِّينَ، لِأَنَّ أَهْلَ التَّهَجُّدِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ يَطْلُبُونَ بِتَهَجُّدِهِمْ مَغْفِرَةَ اللهِ وَرِضْوَانَهُ، فَهَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرُونَ يَرَوْنَ أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ هُوَ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ بِالْفِعْلِ لَا بِمُجَرَّدِ حَرَكَةِ اللِّسَانِ، وَمَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ الطَّلَبُ بِاللِّسَانِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ مِنْ شُرُوطِهِ حُضُورَ الْقَلْبِ، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ أَنَّ اسْتِغْفَارَ اللِّسَانِ وَحْدَهُ نَافِعٌ، بَلْ قَالُوا: إِنَّ الْمُسْتَغْفِرَ مِنَ الذَّنْبِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ. وَفِي مِثْلِ هَذَا الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي يَغَتَرَّ بِهِ الْجَهَلَةُ الْأَغْرَارُ قَالَتْ رَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ: اسْتِغْفَارُنَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ كَثِيرٍ. وَرُوِيَ تَفْسِيرُ الِاسْتِغْفَارِ هُنَا بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتِ السَّحَرِ وَبِصَلَاةِ الصُّبْحِ ; أَيْ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا وَقَيَّدَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَحِكْمَةُ تَخْصِيصِ وَقْتِ السَّحَرِ: أَنَّ الْعِبَادَةَ تَكُونُ حِينَئِذٍ أَشَقَّ عَلَى أَهْلِ الْبِدَايَةِ ; لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَطِيبُ فِيهِ النَّوْمُ وَيَعْزُبُ الرِّيَاءُ، وَأَرْوَحُ لِأَهْلِ النِّهَايَةِ ; لِأَنَّ النَّفْسَ تَكُونُ أَصْفَى وَالْقَلْبَ أَفْرَغُ مِنَ الشَّوَاغِلِ.
وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ النُّكْتَةُ فِي نَسَقِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ بِالْعَطْفِ مَعَ أَنَّ الْأَوْصَافَ الْمَعْدُودَةَ تُسْرَدُ غَيْرَ مَعْطُوفَةٍ. ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ عَنِ الزَّمَخْشَرِيِّ: أَنَّ الْعَطْفَ يُفِيدُ كَمَالَ الْمَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّنَا لَا نَعْهَدُ مِنْ مَعَانِي الْوَاوِ الْكَمَالَ فِي مَعْطُوفَاتِهَا، وَمَنْ عِنْدَهُ ذَوْقٌ فِي اللِّسَانِ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ فَرْقًا بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ أَمْثِلَةً مِنْهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَوْ كَانَ رُمْحًا وَاحِدًا لَاتَّقَيْتُهُ ... وَلَكِنَّهُ رُمْحٌ وَثَانٍ وَثَالِثُ
وَذَكَرَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَلَاثَةِ رِمَاحٍ، أَوْ رُمْحِ اثْنَانِ ثَلَاثَةٍ، وَقَالَ: إِنَّ بَيَانَ الْفَرْقِ رُبَّمَا لَا تَفِي بِهِ الْعِبَارَةُ إِلَّا مَعَ الِاسْتِعَانَةِ بِالسَّلِيقَةِ، وَيُمْكِنُ تَقْرِيبُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْأَوْصَافَ الْمَسْرُودَةَ بِغَيْرِ عَطْفٍ كَالْوَصْفِ الْوَاحِدِ وَأَمَّا عَطْفُهَا فَيُفِيدُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَصْفٌ مُسْتَقِلٌّ. أَقُولُ: وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ " وَتَوْسِيطُ الْوَاوِ بَيْنَهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَكَمَالِهِمْ فِيهَا، أَوْ لِتَغَايُرِ الْمَوْصُوفِينَ بِهَا " وَهِيَ مُبْهَمَةٌ، وَإِيضَاحُ الِاسْتِقْلَالِ مَا قَرَأْتَ آنِفًا. وَأَمَّا تَغَايُرُ الْمَوْصُوفِينَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست