responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 205
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [57: 20] وَهَذِهِ الْآيَةُ أَوْجَزُ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي نُفَسِّرُهَا عَلَى أَنَّهَا فِي مَوْضُوعِهَا، وَفِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الْفَائِدَةِ بَيَانُ جَزَاءِ الْمُسْرِفِينَ وَالْمُعْتَدِينَ فِي هَذِهِ الشَّهَوَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي تَشْغَلُهُمْ عَنْ حُقُوقِ اللهِ وَتَحْمِلُهُمْ عَلَى هَضْمِ حُقُوقِ خَلْقِهِ، وَجَزَاءِ الْمُقْتَصِدِينَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ اللهَ فِي تَمَتُّعِهِمْ وَلَا يَنْسَوْنَ اللهَ وَلَا الدَّارَ الْآخِرَةَ، وَلَعَلَّنَا إِذَا أَمْهَلَ الزَّمَانُ وَبَلَغْنَا سُورَةَ الْحَدِيدِ نُبَيِّنُ مَا فِي الْآيَةِ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي تَفْسِيرِ الرِّضْوَانِ فِي الْآيَةِ: وَأَكْبَرُ مِنْ هَذِهِ اللَّذَّاتِ كُلِّهَا رِضْوَانُ اللهِ - تَعَالَى -، وَهَذَا يَدُلُّنَا عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ طَبَقَاتٌ وَمَرَاتِبُ كَمَا نَرَاهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَفْهَمُ مَعْنَى رِضْوَانِ اللهِ - تَعَالَى - وَلَا يَكُونُ بَاعِثًا لَهُ عَلَى تَرْكِ الشَّرِّ وَلَا عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، وَإِنَّمَا يَفْهَمُونَ مَعْنَى اللَّذَّاتِ الْحِسِّيَّةِ الَّتِي جَرَّبُوهَا فَكَانَتْ أَحْسَنَ الْأَشْيَاءِ مَوْقِعًا مِنْ نُفُوسِهِمْ فَهُمْ فِيهَا يَرْغَبُونَ وَلِأَجْلِهَا يَعْمَلُونَ، وَلَكِنَّ جَمِيعَ الْمُتَّقِينَ يَعْرِفُونَ فِي الْآخِرَةِ هَذِهِ اللَّذَّةَ الَّتِي لَمْ يَكُونُوا يَعْقِلُونَ لَهَا مَعْنًى فِي الدُّنْيَا.
وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللهُ -: خَتَمَ الْآيَةَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنِ ادَّعَى التَّقْوَى فِي نَفْسِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ يَكُونُ مُتَّقِيًا، وَإِنَّمَا الْمُتَّقِي عِنْدَ اللهِ هُوَ مَنْ يَعْلَمُ اللهُ مِنْهُ التَّقْوَى، وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ لِلنَّاسِ وَإِيقَاظٌ لِمُحَاسَبَةِ نُفُوسِهِمْ عَلَى التَّقْوَى لِئَلَّا يَغُشَّهُمُ الْعُجْبُ بِأَنْفُسِهِمْ فَيَحْسَبُوهَا مُتَّقِيَةً وَمَا هِيَ بِمُتَّقِيَةٍ.
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: وَصَفَ أَهْلَ التَّقْوَى بِشَأْنٍ مِنْ شُئُونِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ لِتَأَثُّرِ قُلُوبِهِمْ بِالتَّقْوَى الَّتِي هِيَ ثَمَرَةُ الْإِيمَانِ تَفِيضُ أَلْسِنَتُهُمْ بِالِاعْتِرَافِ بِهَذَا الْإِيمَانِ فِي مَقَامِ الِابْتِهَالِ وَالدُّعَاءِ، وَهَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْكَلَامَ وَصْفٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا، وَلَا يَضُرُّهُ الْفَصْلُ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا لِظُهُورِ الْمُرَادِ وَعَدَمِ الِالْتِبَاسِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْوَصْفَ فِي الْمَعْنَى لَا فِي عُرْفِ النُّحَاةِ وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إِنَّ الْكَلَامَ مَدْحٌ أَوِ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ أُولَئِكَ الْمُتَّقُونَ الَّذِينَ لَهُمْ هَذَا الْجَزَاءُ الْحُسْنُ؟ فَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ
يَقُولُونَ. . . إِلَخْ.
وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ إِنَّهُمْ رَتَّبُوا طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ وَالْوِقَايَةِ مِنَ النَّارِ عَلَى الْإِيمَانِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَحْدَهُ كَافٍ فِي اسْتِحْقَاقِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَأَقُولُ: قَدْ يَصِحُّ هَذَا إِذَا أُرِيدَ مَغْفِرَةُ الشِّرْكِ السَّابِقِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَا تَبِعَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْوِقَايَةِ مِنَ الْخُلُودِ فِي النَّارِ بِذَلِكَ ; فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ كَمَا وَرَدَ. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِحَّ إِذَا أُرِيدَ بِهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَكُونُ مُؤْمِنًا وَلَا يَعْمَلُ صَالِحًا بَلْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست