responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 195
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ لِاتِّصَالِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا وُجُوهٌ: أَحَدُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بِضْعًا وَثَمَانِينَ آيَةً مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ نَزَلَتْ فِي وَفْدِ نَصَارَى نَجْرَانَ. وَرَوَى أَصْحَابُ السِّيَرِ أَنَّ هَذَا الْوَفْدَ كَانَ سِتِّينَ رَاكِبًا، وَأَنَّهُمْ دَخَلُوا الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ وَعَلَيْهِمْ ثِيَابُ الْحِبَرَاتِ وَأَرْدِيَةُ الْحَرِيرِ، وَفِي أَصَابِعِهِمْ خَوَاتِمُ الذَّهَبِ، وَطَفِقُوا يُصَلُّونَ صَلَاتَهُمْ، فَأَرَادَ النَّاسُ مَنْعَهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعُوهُمْ ثُمَّ عَرَضُوا هَدِيَّتَهُمْ عَلَيْهِ وَهِيَ بَسُطٌ فِيهَا تَصَاوِيرُ وَمُسُوحٌ فَقَبِلَ الْمُسُوحَ دُونَ الْبُسُطِ.
وَلَمَّا رَأَى فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ مَا عَلَى هَؤُلَاءِ مِنَ الزِّينَةِ تَشَوَّفَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَى الدُّنْيَا فَنَزَلَتِ الْآيَةُ.
كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ مَا يَذْكُرُهُ أَهْلُ السِّيَرِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: إِنَّ رَئِيسَ وَفْدِ نَجْرَانَ ذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِأَنَّهُ هُوَ النَّبِيُّ الْمُبَشَّرُ بِهِ وَبِصِدْقِهِ أَنَّ هِرَقْلَ مَلِكَ الرُّومِ أَكْرَمَ مَثْوَاهُ وَمَتَّعَهُ وَأَنَّهُ يَسْلُبُهُ مَا أَعْطَاهُ مِنْ مَالٍ وَجَاهٍ إِذَا هُوَ آمَنَ. فَبَيَّنَ - تَعَالَى - أَنَّ مَا زُيِّنَ لِلنَّاسِ مِنْ حُبِّ الشَّهَوَاتِ حَتَّى صَرَفَهُمْ عَنِ الْحَقِّ لَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ: إِنَّا رُوِّينَا أَنَّ أَبَا حَارِثَةَ بْنَ عَلْقَمَةَ النَّصْرَانِيَّ اعْتَرَفَ لِأَخِيهِ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ صِدْقَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِذَلِكَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مُلُوكُ الرُّومِ الْمَالَ وَالْجَاهَ. (قَالَ) وَرَوَيْنَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا دَعَا الْيَهُودَ إِلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ أَظْهَرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمُ الْقُوَّةَ وَالشِّدَّةَ وَالِاسْتِظْهَارَ بِالْمَالِ وَالسِّلَاحِ، فَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَغَيْرَهَا مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا بَاطِلَةٌ وَأَنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ وَأَبْقَى. اهـ.
وَمِنْهَا مَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي تَقْرِيرِ أَمْرِ التَّوْحِيدِ وَمَا يَتْبَعُهُ، وَالِاتِّصَالُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَظْهَرُ ; فَإِنَّهُ بَعْدَمَا بَيَّنَ أَنَّ الَّذِينَ كَفَّرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمُ الَّتِي أَعْرَضُوا عَنِ الْحَقِّ لِأَجْلِهَا بَيَّنَ وَجْهَ غُرُورِهِمْ بِهَا لِلتَّحْذِيرِ مِنْ جَعْلِهَا آلَةً لِلْغُرُورِ وَتَرْكِ الْحَقِّ، وَلِلتَّذْكِيرِ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْغَلَ الْإِنْسَانَ عَنِ الْآخِرَةِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست