responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 178
رَاكِبِينَ مَتْنَ الْخَطَرِ، فَإِيجَابُ الْعِدَّةِ حَيْثُ لَا عُلُوقَ أَهْوَنُ مِنْ رُكُوبِ هَذَا الْخَطَرِ، فَكَمَا أَنَّ إِيجَابَ الْعِدَّةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَتَحْرِيمُ تَبْدِيلِ الْعَرَبِيَّةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ وَتَرْجِيحِ طَرِيقِ الْأَوْلَى، وَيُعْلَمُ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الْخَبَرِ عَنِ اللهِ وَعَنْ صِفَاتِهِ وَعَمَّا أَرَادَهُ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ أَهَمُّ وَأَوْلَى مِنَ الِاحْتِيَاطِ فِي الْعِدَّةِ وَمِنْ كُلِّ مَا احْتَاطَ بِهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
(أَمَّا التَّصَرُّفُ الثَّانِي بِالتَّأْوِيلِ) وَهُوَ بَيَانُ مَعْنَاهُ بَعْدَ إِزَالَةِ ظَاهِرِهِ، وَهَذَا إِمَّا أَنْ يَقَعَ مِنَ الْعَامِّيِّ نَفْسِهِ، أَوْ مِنَ الْعَارِفِ مَعَ الْعَامِّيِّ، أَوْ مِنَ الْعَارِفِ مَعَ نَفْسِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ (الْأَوْلُ) تَأْوِيلُ الْعَامِّيِّ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِغَالِ بِنَفْسِهِ وَهُوَ حَرَامٌ يُشْبِهُ خَوْضَ الْبَحْرِ الْمُغْرِقِ مِمَّنْ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ، وَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ السِّبَاحَةِ، وَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَبَحْرُ مَعْرِفَةِ اللهِ أَبْعَدُ غَوْرًا وَأَكْثَرُ مَعَاطِبَ وَمَهَالِكَ مِنْ بَحْرِ الْمَاءِ ; لِأَنَّ هَلَاكَ هَذَا الْبَحْرِ لَا حَيَاةَ بَعْدَهُ، وَهَلَاكُ بَحْرِ الدُّنْيَا لَا يُزِيلُ إِلَّا الْحَيَاةَ الْفَانِيَةَ وَذَلِكَ يُزِيلُ الْحَيَاةَ الْأَبَدِيَّةَ فَشَتَّانَ بَيْنَ الْخَطَرَيْنِ.
(الْمَوْضِعُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ الْعَالِمِ مَعَ الْعَامِّيِّ وَهُوَ أَيْضًا مَمْنُوعٌ. وَمِثَالُهُ أَنْ يَجُرَّ السَّبَّاحُ الْغَوَّاصُ فِي الْبَحْرِ مَعَ نَفْسِهِ آخَرَ عَاجِزًا عَنِ السِّبَاحَةِ مُضْطَرِبَ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ. وَذَلِكَ حَرَامٌ " لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِخَطَرِ الْهَلَاكِ ; فَإِنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى حِفْظِهِ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى حِفْظِهِ فِي الْقُرْبِ مِنَ السَّاحِلِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْوُقُوفِ بِقُرْبِ السَّاحِلِ لَا يُطِيعُهُ، وَإِنْ أَمْرَهُ بِالسُّكُوتِ عِنْدَ الْتِطَامِ الْأَمْوَاجِ وَإِقْبَالِ التَّمَاسِيحِ وَقَدْ فَغَرَتْ فَاهًا لِلِانْتِقَامِ، اضْطَرَبَ قَلْبُهُ وَبَدَنُهُ وَلَمْ يَسْكُنْ عَلَى حَسَبِ مُرَادِهِ لِقُصُورِ طَاقَتِهِ وَهَذَا هُوَ الْمِثَالُ الْحَقُّ لِلْعَالِمِ إِذَا فَتَحَ لِلْعَامِّيِّ بَابَ التَّأْوِيلَاتِ وَالتَّصَرُّفِ فِي خِلَافِ الظَّوَاهِرِ. وَفِي مَعْنَى الْعَوَامِّ الْأَدِيبُ وَالنَّحْوِيُّ وَالْمُحَدِّثُ وَالْمُفَسِّرُ وَالْفَقِيهُ وَالْمُتَكَلِّمُ، بَلْ كُلُّ عَالِمٍ سِوَى الْمُتَجَرِّدِينَ لِتَعَلُّمِ السِّبَاحَةِ فِي بِحَارِ الْمَعْرِفَةِ، الْقَاصِرِينَ أَعْمَارَهُمْ عَلَيْهِ، الصَّارِفِينَ وُجُوهَهُمْ عَنِ الدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ الْمُعْرِضِينَ عَنِ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالْخَلْقِ وَسَائِرِ اللَّذَّاتِ، وَالْمُخْلِصِينَ لِلَّهِ - تَعَالَى - فِي الْعُلُومِ وَالْأَعْمَالِ الْعَامِلِينَ بِجَمِيعِ حُدُودِ الشَّرِيعَةِ وَآدَابِهَا فِي الْقِيَامِ بِالطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ
الْمُفْرِغِينَ قُلُوبَهُمْ بِالْجُمْلَةِ عَنْ غَيْرِ اللهِ - تَعَالَى - لِلَّهِ، الْمُسْتَحْقِرِينَ لِلدُّنْيَا بَلِ الْآخِرَةِ وَالْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى فِي جَنْبِ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى، فَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْغَوْصِ فِي بَحْرِ الْمَعْرِفَةِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، يَهْلَكُ مِنَ الْعَشْرَةِ تِسْعَةٌ إِلَى أَنْ يَسْعَدَ وَاحِدٌ بِالدُّرِّ الْمَكْنُونِ وَالسِّرِّ الْمَخْزُونِ، أُولَئِكَ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنَى فَهُمُ الْفَائِزُونَ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ) تَأْوِيلُ الْعَارِفِ مَعَ نَفْسِهِ فِي سِرِّ قَلْبِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجَهٍ، فَإِنَّ الَّذِي انْقَدَحَ فِي سِرِّهِ أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ لَفْظِ الِاسْتِوَاءِ وَالْفَوْقِ مَثَلًا، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعًا بِهِ أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ أَوْ مَظْنُونًا ظَنًّا غَالِبًا، فَإِنْ كَانَ قَطْعِيًّا فَلْيَعْتَقِدْهُ وَإِنْ كَانَ مَشْكُوكًا فَلْيَجْتَنِبْهُ، وَلَا يَحْكُمَنْ عَلَى مُرَادِ اللهِ - تَعَالَى - وَمُرَادِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كَلَامِهِ بِاحْتِمَالٍ يُعَارِضُهُ مِثْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى الشَّاكِّ التَّوَقُّفُ. وَإِنْ كَانَ مَظْنُونًا فَاعْلَمْ أَنَّ لِلظَّنِّ مُتَعَلَّقَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي انْقَدَحَ عِنْدَهُ هَلْ هُوَ جَائِزٌ فِي حَقِّ اللهِ - تَعَالَى - أَوْ هُوَ مُحَالٌ؟ .

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست