responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 176
فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ دَقَائِقِ الصِّيَاغَةِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْلَمُ دَقَائِقَ النَّجْرِ لِاسْتِغْرَاقِهِ الْعُمْرَ فِي تَعَلُّمِهِ وَمُمَارَسَتِهِ، فَكَذَلِكَ يَفْهَمُ الصَّائِغُ أَيْضًا لِصَرْفِ الْعُمْرِ إِلَى تَعَلُّمِهِ وَمُمَارَسَتِهِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يَفْهَمُهُ، فَالْمَشْغُولُونَ بِالدُّنْيَا وَبِالْعُلُومِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ مَعْرِفَةِ اللهِ عَاجِزُونَ عَنْ مَعْرِفَةِ الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ عَجْزَ كَافَّةِ الْمُعْرِضِينَ عَنِ الصِّنَاعَاتِ عَنْ فَهْمِهَا، بَلْ عَجْزُ الصَّبِيِّ الرَّضِيعِ عَنْ الِاغْتِذَاءِ بِالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ لِقُصُورٍ فِي فِطْرَتِهِ لَا لِعَدَمِ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ، وَلَا لِأَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى تَغْذِيَةِ الْأَقْوِيَاءِ، لَكِنَّ طَبْعَ الضُّعَفَاءِ قَاصِرٌ عَنِ التَّغَذِّي بِهِ، فَمَنْ أَطْعَمَ الصَّبِيَّ الضَّعِيفَ اللَّحْمَ وَالْخُبْزَ أَوْ مَكَّنَهُ مِنْ تَنَاوُلِهِ فَقَدْ أَهْلَكَهُ، وَكَذَلِكَ الْعَامَّةُ إِذَا طَلَبُوا بِالسُّؤَالِ هَذِهِ الْمَعَانِيَ يَجِبُ زَجْرُهُمْ وَمَنْعُهُمْ وَضَرْبُهُمْ بِالدِّرَّةِ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِكُلِّ مَنْ سَأَلَ عَنِ الْآيَاتِ
الْمُتَشَابِهَاتِ وَكَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِنْكَارِ عَلَى قَوْمٍ رَآهُمْ خَاضُوا فِي مَسْأَلَةِ الْقَدَرِ وَسَأَلُوا عَنْهُ: فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَفَبِهَذَا أُمِرْتُمْ؟ وَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ السُّؤَالِ أَوْ لَفْظٌ هَذَا مَعْنَاهُ كَمَا اشْتُهِرَ فِي الْخَبَرِ. وَلِهَذَا أَقُولُ: يَحْرُمُ عَلَى الْوُعَّاظِ عَلَى رُءُوسِ الْمَنَابِرِ الْجَوَابُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْخَوْضِ فِي التَّأْوِيلِ وَالتَّفْصِيلِ، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَذَكَرَهُ السَّلَفُ، وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقْدِيسِ وَنَفْيِ التَّشْبِيهِ وَأَنَّهُ - تَعَالَى - عَنِ الْجِسْمِيَّةِ وَعَوَارِضِهَا، وَلَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي هَذَا بِمَا أَرَادَ حَتَّى يَقُولَ: كُلُّ مَا خَطَرَ بِبَالِكُمْ وَهَجَسَ فِي ضَمِيرِكُمْ وَتُصُوِّرَ فِي خَاطِرِكُمْ، فَاللهُ - تَعَالَى - خَالِقُهَا وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهَا وَعَنْ مُشَابَهَتِهَا، وَأَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِخْبَارِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا حَقِيقَةُ الْمُرَادِ فَلَسْتُمْ مِنْ أَهْلِ مَعْرِفَتِهَا وَالسُّؤَالِ عَنْهَا فَاشْتَغِلُوا بِالتَّقْوَى، فَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ - تَعَالَى - بِهِ فَافْعَلُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَهَذَا قَدْ نُهِيتُمْ عَنْهُ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهُ، وَمَهْمَا سَمِعْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَاسْكُتُوا، وَقُولُوا آمَنَّا وَصَدَّقْنَا وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا أُوتِينَا.
(الْوَظِيفَةُ الْخَامِسَةُ - الْإِمْسَاكُ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي أَلْفَاظٍ وَارِدَةٍ) وَيَجِبُ عَلَى عُمُومِ الْخَلْقِ الْجُمُودُ عَلَى أَلْفَاظِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَالْإِمْسَاكُ عَنِ التَّصَرُّفِ فِيهَا مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ: التَّفْسِيرُ وَالتَّأْوِيلُ وَالتَّصْرِيفُ وَالتَّفْرِيعُ. . . إِلَخْ.
(الْأَوَّلُ التَّفْسِيرُ) وَأَعْنِي بِهِ تَبْدِيلَ اللَّفْظِ بِلُغَةٍ أُخْرَى يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ أَوْ مَعْنَاهَا بِالْفَارِسِيَّةِ أَوِ التُّرْكِيَّةِ، بَلْ لَا يَجُوزُ النُّطْقُ إِلَّا بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ ; لِأَنَّ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ مَا لَا يُوجَدُ لَهَا فَارِسِيَّةٌ تُطَابِقُهَا، وَمِنْهَا مَا يُوجَدُ لَهَا فَارِسِيَّةٌ تُطَابِقُهَا لَكِنْ مَا جَرَتْ عَادَةُ الْفَرَسِ بِاسْتِعَارَتِهَا لِلْمَعَانِي الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ بِاسْتِعَارَتِهَا مِنْهَا، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَا يَكُونُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست