responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 156
تَجِدُهُمْ يَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ النُّصُوصَ بِتَأْوِيلَاتٍ غَالِبُهَا فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا حَقٌّ؟ فَإِنْ كَانَ مَا تَأَوَّلُوهُ حَقًّا دَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ، فَظَهَرَ تَنَاقُضُهُمْ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَهُمْ.
" وَهَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ الصَّابِرُ فِي الْمِحْنَةِ الَّذِي قَدْ صَارَ لِلْمُسْلِمِينَ مِعْيَارًا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ، لَمَّا صَنَّفَ كِتَابَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ فِيمَا شَكَّتْ فِيهِ مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَتَأَوَّلَتْهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، تَكَلَّمَ فِي مَعَانِي الْمُتَشَابِهِ الَّذِي اتَّبَعَهُ الزَّائِغُونَ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ آيَةً آيَةً، وَبَيَّنَ مَعْنَاهَا
وَفَسَّرَهَا لِيُبَيِّنَ فَسَادَ تَأْوِيلِ الزَّائِغِينَ، وَاحْتَجَّ عَلَى أَنَّ اللهَ يَرَى، وَأَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ، وَأَنَّ اللهَ فَوْقَ الْعَرْشِ، بِالْحُجَجِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ، وَرَدَّ مَا احْتَجَّ بِهِ النُّفَاةُ مِنَ الْحُجَجِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ، وَبَيَّنَ مَعَانِيَ الْآيَاتِ الَّتِي سَمَّاهَا هُوَ مُتَشَابِهَةً، وَفَسَّرَهَا آيَةً آيَةً. وَكَذَلِكَ لَمَّا نَاظَرُوهُ وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِالنُّصُوصِ جَعَلَ يُفَسِّرُهَا آيَةً آيَةً وَحَدِيثًا حَدِيثًا، وَيُبَيِّنُ فَسَادَ مَا تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ الزَّائِغُونَ، وَيُبَيِّنُ هُوَ مَعْنَاهَا، وَلَمْ يَقُلْ أَحْمَدُ إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ لَا يَفْهَمُ مَعْنَاهَا إِلَّا اللهُ وَلَا قَالَ أَحَدٌ لَهُ ذَلِكَ، بَلِ الطَّوَائِفُ كُلُّهَا مُجْتَمِعَةٌ عَلَى إِمْكَانِ مَعْرِفَةِ مَعْنَاهَا لَكِنْ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُرَادِ كَمَا يَتَنَازَعُونَ فِي آيَاتِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُ الْمُتَشَابِهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الزَّائِغُونَ مِنَ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الشَّارِبُ الْخَمْرِ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، وَيُبْطِلُ قَوْلَ الْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَقَوْلَ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَكُلُّ هَذِهِ الطَّوَائِفِ تَحْتَجُّ بِنُصُوصِ الْمُتَشَابِهِ عَلَى قَوْلِهَا، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ لَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا مِنْ هَؤُلَاءِ لِمَا يَسْتَدِلُّ بِهِ هُوَ أَوْ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَيْهِ مُنَازِعُهُ: هَذِهِ آيَاتٌ وَأَحَادِيثُ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ، فَأَمْسَكُوا عَنِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا، وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُنْكِرُ طَرِيقَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِرَأْيِهِمْ وَتَأْوِيلِهِمْ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْلَالٍ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الَّذِينَ بَلَّغَهُمُ الصَّحَابَةُ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ كَمَا بَلَّغُوهُمْ أَلْفَاظَهُ وَنَقَلُوا هَذَا كَمَا نَقَلُوا ذَاكَ، وَلَكِنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ يَتَأَوَّلُونَ النُّصُوصَ بِتَأْوِيلَاتٍ تُخَالِفُ مُرَادَ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَيَدَّعُونَ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي يَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ، وَهُمْ مُبْطِلُونَ فِي ذَلِكَ لَا سِيَّمَا تَأْوِيلَاتُ الْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ الْمَلَاحِدَةِ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ التَّأْوِيلَ، وَإِنَّمَا غَايَتُهُمْ أَنْ يَقُولُوا: ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ مُرَادٍ، وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ كَذَا وَأَنْ يُرَادَ كَذَا، وَلَوْ تَأَوَّلَهَا الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِتَأْوِيلٍ مُعَيَّنٍ فَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُرَادُ اللهِ وَرَسُولِهِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ اللهِ وَرَسُولِهِ عِنْدَهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ كَالتَّأْوِيلَاتِ الَّتِي يَذْكُرُونَهَا فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ كَمَا يَذْكُرُونَهُ فِي قَوْلِهِ: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [89: 22] " وَيَنْزِلُ رَبُّنَا "

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست