responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 155
قَوْلَهُمْ هَذَا أَوْ ذَاكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ أَصَابُوا فِي شَيْءٍ كَثِيرٍ مِمَّا يُفَسِّرُونَ بِهِ الْمُتَشَابِهَ وَأَخْطَئُوا فِي بَعْضِ ذَلِكَ ; فَيَكُونُ تَفْسِيرُهُمْ لِهَذِهِ الْآيَةِ مِمَّا أَخْطَئُوا فِيهِ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ فَإِنَّهُمْ أَصَابُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُتَشَابِهِ، وَكَذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ قَتَادَةَ مِنْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ، فَكِتَابُهُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ أَشْهَرِ الْكُتُبِ، وَنَقَلَهُ ثَابِتٌ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْهُ، وَمِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عُرُوبَةَ عَنْهُ ; وَلِهَذَا كَانَ الْمُصَنِّفُونَ فِي التَّفْسِيرِ عَامَّتُهُمْ يَذْكُرُونَ قَوْلَهُ لِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَمَعَ هَذَا يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ.
" وَالَّذِي اقْتَضَى شُهْرَةَ الْقَوْلِ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ ظُهُورُ التَّأْوِيلَاتِ الْبَاطِلَةِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَصَارَ أُولَئِكَ يَتَكَلَّمُونَ فِي تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِمُ الْفَاسِدِ وَهَذَا أَصْلٌ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ الْبِدَعِ أَنَّهُمْ يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِرَأْيِهِمُ الْعَقْلِيِّ وَتَأْوِيلِهِمُ اللُّغَوِيِّ، فَتَفَاسِيرُ الْمُعْتَزِلَةِ مَمْلُوءَةٌ بِتَأْوِيلِ النُّصُوصِ الْمُثْبِتَةِ لِلصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ عَلَى غَيْرِ مَا أَرَادَ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنْكَارُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ
لِهَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَا كَتَبَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ فِيمَا شَكَّتْ فِيهِ مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَتَأَوَّلَتْهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ.
" فَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ مِنَ التَّأْوِيلِ فَجَاءَ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ انْتَسَبُوا إِلَى السُّنَّةِ بِغَيْرِ خِبْرَةٍ تَامَّةٍ وَبِمَا يُخَالِفُهَا وَظَنُّوا أَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلَّا اللهُ فَظَنُّوا أَنَّ مَعْنَى التَّأْوِيلِ هُوَ مَعْنَاهُ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إِلَى الْمَرْجُوحِ فَصَارُوا فِي مَوْضِعٍ يَقُولُونَ وَيَنْصُرُونَ أَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلَّا اللهُ ثُمَّ يَتَنَاقَصُونَ فِي ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ (أَحَدُهَا) : أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: النُّصُوصُ تُجْرَى عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَلَا يَزِيدُونَ عَلَى الْمَعْنَى الظَّاهِرِ مِنْهَا، وَلِهَذَا يُبْطِلُونَ كُلَّ تَأْوِيلٍ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ وَيُقَرِّرُونَ الْمَعْنَى الظَّاهِرَ وَيَقُولُونَ مَعَ هَذَا: إِنَّ لَهُ تَأْوِيلًا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ، وَالتَّأْوِيلُ عِنْدَهُمْ مَا يُنَاقِضُ الظَّاهِرَ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ؟ وَقَدْ قَرَّرَ مَعْنَاهُ الظَّاهِرُ وَهَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ مُنَاظِرُوهُمْ حَتَّى أَنْكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى شَيْخِهِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى. (وَمِنْهَا) أَنَّا وَجَدْنَا هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ لَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِنَصٍّ يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ لَا فِي مَسْأَلَةٍ أَصْلِيَّةٍ وَلَا فَرْعِيَّةٍ إِلَّا تَأَوَّلُوا ذَلِكَ النَّصَّ بِتَأْوِيلَاتٍ مُتَكَلَّفَةٍ مُسْتَخْرَجَةٍ مِنْ جِنْسِ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ مِنْ جِنْسِ تَأْوِيلَاتِ الْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ الَّتِي تُخَالِفُهُمْ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَعْلَمُ مَعَانِيَ النُّصُوصِ الْمُتَشَابِهَةِ إِلَّا اللهُ؟ وَاعْتَبِرْ هَذَا بِمَا تَجِدُهُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ مُنَاظَرَتِهِمْ لِلْمُعْتَزِلَةِ عَلَى قَوْلِهِمْ بِالْآيَاتِ الَّتِي تُنَاقِضُ قَوْلَ هَؤُلَاءِ، مِثْلَ أَنْ يَحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ [2: 205] ، وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [39: 7] ، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [51: 56] ، لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ [6: 103] ، إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [36: 82] ، وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ [2: 30] وَنَحْوَ ذَلِكَ كَيْفَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست