responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 154
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الْمُجْمَلَ لِيُؤْمِنَ بِهِ الْمُؤْمِنُ فَيُقَالَ: هَذَا حَقٌّ، لَكِنْ هَلْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ قَوْلِ أَحَدِ السَّلَفِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمَلَائِكَةَ وَالصَّحَابَةَ لَا يَفْهَمُونَ ذَلِكَ الْكَلَامَ الْمُجْمَلَ، أَمِ الْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُجْمَلَ فِي الْقُرْآنِ يُفْهَمُ مَعْنَاهُ وَيُعْرَفُ مَا فِيهِ مِنَ الْإِجْمَالِ كَمَا مَثَّلَ بِهِ مِنْ وَقْتِ السَّاعَةِ؟ فَقَدْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ مَعْنَى الْكَلَامِ الَّذِي أَخْبَرَ اللهُ بِهِ عَنِ السَّاعَةِ وَأَنَّهَا آتِيَةٌ لَا مَحَالَةَ وَأَنَّ اللهَ انْفَرَدَ بِعِلْمِ وَقْتِهَا فَلَمْ يُطْلِعْ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سَأَلَهُ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ وَهُوَ فِي الظَّاهِرِ أَعْرَابِيٌّ لَا يُعْرَفُ قَالَ لَهُ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: " مَا الْمَسْئُولُ عَنْهُ بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ " وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ الْكَلَامَ الَّذِي نَزَلَ فِي ذِكْرِهَا لَا يَفْهَمُهُ أَحَدٌ، بَلْ هَذَا خِلَافُ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ وَالْعُقَلَاءِ. فَإِنَّ إِخْبَارَ اللهِ عَنِ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطِهَا كَلَامٌ بَيِّنٌ وَاضِحٌ يُفْهَمُ مَعْنَاهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا [25: 38] قَدْ عُلِمَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْخِطَابِ، وَأَنَّ اللهَ خَلَقَ قُرُونًا كَثِيرَةً لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللهُ كَمَا قَالَ: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [74: 31] فَأَيُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لَا يَفْهَمُ مَعْنَاهُ أَحَدٌ لَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَلَا الصَّحَابَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ؟ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ عَنْ عُرْوَةَ، فَعُرْوَةُ قَدْ عُرِفَ مِنْ طَرِيقِهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُفَسِّرُ عَامَّةَ آيِ الْقُرْآنِ إِلَّا آيَاتٍ قَلِيلَةً رَوَاهَا عَنْ عَائِشَةَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ عُرْوَةُ التَّفْسِيرَ لَمْ يَلْزَمْ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَعُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ.
" وَأَمَّا اللُّغَوِيُّونَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّاسِخِينَ لَا يَعْلَمُونَ مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ فَهُمْ
مُتَنَاقِضُونَ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي تَفْسِيرِ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ وَيَتَوَسَّعُونَ فِي الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا وَهِيَ خَطَأٌ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ الَّذِي بَالَغَ فِي نَصْرِ ذَلِكَ الْقَوْلِ هُوَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ كَلَامًا فِي مَعَانِي الْآيِ الْمُتَشَابِهَاتِ يَذْكُرُ فِيهَا مِنَ الْأَقْوَالِ مَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ، وَيَحْتَجُّ لِمَا يَقُولُهُ فِي الْقُرْآنِ بِالشَّاذِّ مِنَ اللُّغَةِ، وَهُوَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ الْإِنْكَارُ عَلَى ابْنِ قُتَيْبَةَ، وَلَيْسَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَلَا أَتْبَعُ لِلسُّنَّةِ مِنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَلَا أَفْقَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ لِلُّغَةِ، لَكِنَّ بَابَ فِقْهِ النُّصُوصِ غَيْرُ بَابِ حِفْظِ أَلْفَاظِ اللُّغَةِ، وَقَدْ نَقَمَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَى ابْنِ قُتَيْبَةَ كَوْنَهُ رَدَّ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ أَشْيَاءَ مِنْ تَفْسِيرِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَابْنُ قُتَيْبَةٍ قَدِ اعْتَذَرَ عَنْ ذَلِكَ وَسَلَكَ فِي ذَلِكَ مَسْلَكَ أَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ وَأَمْثَالُهُ يُصِيبُونَ تَارَةً وَيُخْطِئُونَ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الْمُتَشَابِهُ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلَّا اللهُ فَهُمْ كُلُّهُمْ يَجْتَرِئُونَ عَلَى اللهِ يَتَكَلَّمُونَ فِي شَيْءٍ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَا بَيَّنُوهُ مِنْ مَعَانِي الْمُتَشَابِهِ قَدْ أَصَابُوا فِيهِ وَلَوْ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ظَهَرَ خَطَؤُهُمْ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلَّا اللهُ، وَلَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، فَلْيَخْتَرْ مَنْ يَنْصُرُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست