responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 151
وَالنَّارِ أَوْ عَنِ الْقَصَصِ وَعَاقِبَةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَعَاقِبَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمُتَشَابِهُ الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلَّا اللهُ، فَجُمْهُورُ الْقُرْآنِ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مَعْنَاهُ لَا الرَّسُولُ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مُكَابَرَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَأَيْضًا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِلْمَ بِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا أَصْعَبُ مِنَ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْكَلَامِ الَّذِي يُخْبَرُ بِهِ، فَإِنَّ دَلَالَةَ الرُّؤْيَا عَلَى تَأْوِيلِهَا دَلَالَةٌ خَفِيَّةٌ غَامِضَةٌ لَا يَهْتَدِي لَهَا جُمْهُورُ النَّاسِ، بِخِلَافِ دَلَالَةِ لَفْظِ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ، فَإِذَا كَانَ اللهُ قَدْ عَلَّمَ عِبَادَهُ تَأْوِيلَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَرَوْنَهَا فِي الْمَنَامِ فَلَأَنْ يُعَلِّمَهُمْ تَأْوِيلَ الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ الَّذِي يُنَزِّلُهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. قَالَ يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ: وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ [12: 6] وَقَالَ يُوسُفُ: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ [12: 101] وَقَالَ: لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا
[12: 37] " وَأَيْضًا فَقَدْ ذَمَّ اللهُ الْكُفَّارَ بِقَوْلِهِ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ [10: 38، 39] وَقَالَ: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [27: 83، 84] وَهَذَا ذَامٌّ لِمَنْ كَذَّبَ بِمَا لَمْ يُحِطْ بِعِلْمِهِ، فَمَا قَالَهُ النَّاسُ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَتَأْوِيلِهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَدِّقَ بِقَوْلٍ دُونَ قَوْلٍ بِلَا عِلْمٍ وَلَا يُكَذِّبَ بِشَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا أَنْ يُحِيطَ بِعِلْمِهِ. وَهَذَا لَا يُمْكِنُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ الْحَقَّ الَّذِي أُرِيدَ بِالْآيَةِ، فَيَعْلَمُ أَنَّ مَا سِوَاهُ بَاطِلٌ، فَيُكَذِّبُ بِالْبَاطِلِ الَّذِي أَحَاطَ بِعِلْمِهِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا وَلَمْ يُحِطْ بِشَيْءٍ مِنْهَا عِلْمًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّكْذِيبُ بِشَيْءٍ مِنْهَا مَعَ أَنَّ الْأَقْوَالَ الْمُتَنَاقِضَةَ بَعْضُهَا بَاطِلٌ قَطْعًا، وَيَكُونُ حِينَئِذٍ الْمُكَذِّبُ بِالْقُرْآنِ كَالْمُكَذِّبِ بِالْأَقْوَالِ الْمُتَنَاقِضَةِ، وَالْمُكَذِّبُ بِالْحَقِّ كَالْمُكَذِّبِ بِالْبَاطِلِ ; وَفَسَادُ اللَّازِمِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَلْزُومِ.
" وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِنْ بُنِيَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَعَانِيَ الْآيَاتِ الْخَبَرِيَّةِ إِلَّا اللهُ لَزِمَهُ أَنْ يُكَذِّبَ كُلَّ مَنِ احْتَجَّ بِآيَةٍ خَبَرِيَّةٍ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ قَالَ: الْمُتَشَابِهُ هُوَ بَعْضُ الْخَبَرِيَّاتِ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ فَصْلًا يَتَبَيَّنُ بِهِ مَا يَجُوزُ أَنْ يُعْلَمَ مَعْنَاهُ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْلَمَ مَعْنَاهُ، بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَاهُ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ ذِكْرُ حَدٍّ فَاصِلٍ بَيْنَ مَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَاهُ بَعْضُ النَّاسِ وَبَيْنَ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ مَعْنَاهُ أَحَدٌ، وَلَوْ ذَكَرَ مَا ذَكَرَ انْتَقَضَ عَلَيْهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَيْسَ هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ مَعْرِفَةُ مَعْنَاهُ وَهَذَا دَلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ.
"

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست