responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 149
ثُمَّ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ قِصَّةُ أَهْلِ نَجْرَانَ وَقَدِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: (إِنَّا) وَ (نَحْنُ) وَبِقَوْلِهِ (كَلِمَةٍ مِنْهُ) ، (وَرُوحٍ مِنْهُ) وَهَذَا قَدِ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَعْرِفَةِ مَعْنَاهُ، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَا الْمَلَائِكَةُ وَلَا الْأَنْبِيَاءُ وَلَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ اللهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَيْنَا وَأَمَرَنَا أَنْ نَتَدَبَّرَهُ وَنَعْقِلَهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ بَيَانٌ وَهُدًى وَشِفَاءٌ وَنُورٌ؟ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْكَلَامِ إِلَّا مَعَانِيَهُ، وَلَوْلَا الْمَعْنَى لَمْ يَجُزِ التَّكَلُّمُ بِلَفْظٍ لَا مَعْنَى لَهُ، وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ: " مَا أَنْزَلَ اللهُ آيَةً إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ فِيمَاذَا أُنْزِلَتْ وَمَاذَا عُنِيَ بِهَا ".
" وَمَنْ قَالَ: إِنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ سُؤَالُ الْيَهُودِ عَنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ فِي (الم) بِحِسَابِ الْجُمَلِ فَهَذَا نَقْلٌ بَاطِلٌ، أَمَّا أَوَّلًا: فَلِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ. وَأَمَّا ثَانِيًا: فَهَذَا قَدْ قِيلَ إِنَّهُمْ قَالُوهُ فِي أَوَّلِ مَقْدَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ، وَسُورَةُ آلِ عِمْرَانَ إِنَّمَا نَزَلَ صَدْرُهَا مُتَأَخِّرًا لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ الْمُتَوَاتِرِ، وَفِيهَا فَرْضُ الْحَجِّ وَإِنَّمَا فُرِضَ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ وَلَمْ يُفْرَضْ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا ثَالِثًا: فَلِأَنَّ حُرُوفَ الْمُعْجَمِ وَدَلَالَةَ الْحَرْفِ عَلَى بَقَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَيْسَ هُوَ مِنْ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللهُ بِعِلْمِهِ، بَلْ إِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِمَّا أَرَادَهُ اللهُ بِكَلَامِهِ فَلَا يُقَالُ إِنَّهُ انْفَرَدَ بِعِلْمِهِ، بَلْ دَعْوَى دَلَالَةِ الْحُرُوفِ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلَةٌ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: بَلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَدْ عَلِمَ بَعْضُ النَّاسِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدَ عَلِمَ النَّاسُ بِذَلِكَ، أَمَّا دَعْوَى دَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ أَحَدًا لَا يَعْلَمُهُ فَهَذَا هُوَ الْبَاطِلُ، وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَتِ الْأُمُورُ الْعِلْمِيَّةُ الَّتِي أَخْبَرَ اللهُ بِهَا فِي الْقُرْآنِ لَا يَعْرِفُهَا الرَّسُولُ كَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ قَدْحِ الْمَلَاحِدَةِ فِيهِ وَكَانَ حُجَّةً لِمَا يَقُولُونَهُ مِنْ أَنَّهُ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْأُمُورَ الْعِلْمِيَّةَ أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُهَا وَلَمْ يُبَيِّنْهَا، بَلْ هَذَا الْقَوْلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهَا فَإِنَّ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ لَا يَعْلَمُهُ النَّبِيُّ وَلَا غَيْرُهُ.
" وَبِالْجُمْلَةِ فَالدَّلَائِلُ الْكَثِيرَةُ تُوجِبُ الْقَطْعَ بِبُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٍ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا الرَّسُولُ وَلَا غَيْرُهُ. نَعَمْ قَدْ يَكُونُ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ لَا يَعْلَمُ
مَعْنَاهَا كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي آيَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا يَعْرِفُهُ هَذَا. وَذَلِكَ تَارَةً يَكُونُ لِغَرَابَةِ اللَّفْظِ، وَتَارَةً لِاشْتِبَاهِ الْمَعْنَى بِغَيْرِهِ، وَتَارَةً لِشُبْهَةٍ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ تَمْنَعُهُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ، وَتَارَةً لِعَدَمِ التَّدَبُّرِ التَّامِّ، وَتَارَةً لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ، فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ أَنَّ الصَّوَابَ قَوْلُ مَنْ يَجْعَلُهُ مَعْطُوفًا وَيَجْعَلُ الْوَاوَ لِعَطْفٍ مُفْرَدٍ أَوْ يَكُونُ كِلَا الْقَوْلَيْنِ حَقًّا وَهِيَ قِرَاءَتَانِ، وَالتَّأْوِيلُ الْمَنْفِيُّ غَيْرُ التَّأْوِيلِ الْمُثْبَتِ، وَإِنْ كَانَ الصَّوَابُ هُوَ قَوْلُ مَنْ يَجْعَلُهَا وَاوَ اسْتِئْنَافٍ فَيَكُونُ التَّأْوِيلُ الْمَنْفِيُّ عِلْمُهُ عَنْ غَيْرِ اللهِ هُوَ الْكَيْفِيَّاتُ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " أَنَا مِنَ الرَّاسِخِينَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ " وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست