responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 12
الْآيَةَ وَإِنَّمَا أَنْزَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَ لِأَنَّ النَّاسَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: عَوَامٌّ: وَهُمْ أَهْلُ السَّلَامَةِ الْبُلْهُ: وَهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَخَوَاصٌّ: وَهُمْ أَهْلُ الذَّكَاءِ وَالْبَصِيرَةِ. وَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمْ طَائِفَةٌ هُمْ أَهْلُ الْجَدَلِ وَالشَّغَبِ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنَ الْكِتَابِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ.
" أَمَّا الْخَوَاصُّ فَإِنِّي أُعَالِجُهُمْ بِأَنْ أُعَلِّمَهُمُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ، وَكَيْفِيَّةَ الْوَزْنِ بِهَا فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ عَلَى قُرْبٍ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ اجْتَمَعَ فِيهِمْ ثَلَاثُ خِصَالٍ: " أَحَدُهَا " الْقَرِيحَةُ النَّافِذَةُ وَالْفَطِنَةُ الْقَوِيَّةُ، وَهَذِهِ فِطْرِيَّةٌ وَغَرِيزَةٌ جِبِلِّيَّةٌ لَا يُمْكِنُ كَسْبُهَا " الثَّانِيَةُ " خُلُوُّ بَاطِنِهِمْ مِنْ تَقْلِيدٍ وَتَعَصُّبٍ لِمَذْهَبٍ مَوْرُوثٍ مَسْمُوعٍ، فَإِنَّ الْمُقَلِّدَ لَا يُصْغِي وَالْبَلِيدَ وَإِنْ أَصْغَى لَا يَفْهَمُ " الثَّالِثَةُ " أَنْ يَعْتَقِدَ أَنِّي مِنْ أَهْلِ الْبَصِيرَةِ بِالْمِيزَانِ وَمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِأَنَّكَ تَعْرِفُ الْحِسَابَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ مِنْكَ ".
" وَالصِّنْفُ الثَّانِي: الْبُلْهُ. وَهُمْ جَمِيعُ الْعَوَامِّ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِطْنَةٌ لِفَهْمِ الْحَقَائِقِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ فِطْنَةٌ فِطْرِيَّةٌ فَلَيْسَ لَهُمْ دَاعِيَةُ الطَّلَبِ، بَلْ شَغَلَتْهُمُ الصِّنَاعَاتُ وَالْحِرَفُ. وَلَيْسَ فِيهِمْ أَيْضًا دَاعِيَةُ الْجَدَلِ بِخِلَافِ الْمُتَكَايِسِينَ فِي الْعِلْمِ مَعَ قُصُورِ الْفَهْمِ عَنْهُ، فَهَؤُلَاءِ لَا يَخْتَلِفُونَ وَلَا يَتَخَيَّرُونَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْمُخْتَلِفِينَ. فَأَدْعُو هَؤُلَاءِ إِلَى اللهِ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا أَدْعُو أَهْلَ الْبَصِيرَةِ بِالْحِكْمَةِ، وَأَدْعُو أَهْلَ الشَّغَبِ بِالْمُجَادَلَةِ، وَقَدْ جَمَعَ اللهُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكَ أَوَّلًا، فَأَقُولُ لَهُمْ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَعْرَابِيٍّ جَاءَهُ فَقَالَ: عَلِّمْنِي مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ. فَعَلِمَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ: وَمَاذَا عَمِلْتَ فِي رَأْسِ الْعِلْمِ؟ أَيِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى
وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْآخِرَةِ اذْهَبْ فَأَحْكِمْ رَأْسَ الْعِلْمِ ثُمَّ ارْجِعْ لِأُعَلِّمَكَ مِنْ غَرَائِبِهِ فَأَقُولُ لِلْعَامِّيِّ لَيْسَ الْخَوْضُ فِي الِاخْتِلَافَاتِ مِنْ عُشِّكَ فَادْرُجْ فَإِيَّاكَ أَنْ تَخُوضَ فِيهِ أَوْ تُصْغِيَ إِلَيْهِ فَتَهْلَكَ، فَإِنَّكَ إِذَا صَرَفْتَ عُمُرَكَ فِي صِنَاعَةِ الصِّيَاغَةِ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحِيَاكَةِ، وَقَدْ صَرَفْتَ عُمُرَكَ فِي غَيْرِ الْعِلْمِ فَكَيْفَ تَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِنْ أَهْلِ الْخَوْضِ فِيهِ؟ فَإِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تُهْلِكَ نَفْسَكَ، فَكُلُّ كَبِيرَةٍ تَجْرِي عَلَى الْعَامِّيِّ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَوْضِ فِي الْعِلْمِ، فَيَكْفُرُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي ".
" فَإِنْ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ دِينٍ أَعْتَقِدُهُ وَأَعْمَلُ بِهِ لِأَصِلَ إِلَى الْمَغْفِرَةِ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الْأَدْيَانِ، فَبِأَيِّ دِينٍ تَأْمُرُنِي أَنْ آخُذَ أَوْ أُعَوِّلَ عَلَيْهِ؟ فَأَقُولُ لَهُ: لِلدِّينِ أُصُولٌ وَفُرُوعٌ، وَالِاخْتِلَافُ إِنَّمَا يَقَعُ فِيهِمَا، أَمَّا الْأُصُولُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ أَنْ تَعْتَقِدَ فِيهَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَسْتُرْ عَنْ عِبَادِهِ صِفَاتِهِ وَأَسْمَاءَهُ فَعَلَيْكَ أَنْ تَعْتَقِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ اللهَ حَيٌّ عَالِمٌ قَادِرٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ جَبَّارٌ مُتَكَبِّرٌ قُدُّوسٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ - إِلَى جَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 3  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست