responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 73
وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا؟ وَقَدْ يُسَمُّونَ هَذَا تَوَسُّلًا إِلَيْهِ ; أَيْ: يَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ بِالشِّرْكِ بِهِ، وَدُعَاءِ غَيْرِهِ مِنْ دُونِهِ أَوْ مَعَهُ. وَهُوَ يَقُولُ: (فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا) (72: 18) وَيَقُولُ: (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ) (6: 41) أَيْ: دُونَ غَيْرِهِ.
أَلَيْسَ مِنَ الْقَوْلِ عَلَى اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ مَا اخْتَلَقُوهُ مِنَ الْحِيَلِ لِهَدْمِ رُكْنِ الزَّكَاةِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ؟
أَلَيْسَ مِنَ الْقَوْلِ عَلَى اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ مَا زَادُوهُ فِي الْعِبَادَةِ وَأَحْكَامِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ عَمَّا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُبَيِّنَةِ لَهُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَنِ اللهِ تَعَالَى: ((وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا)) ؟
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ هُنَا: كُلُّ مَنْ يَزِيدُ فِي الدِّينِ عَقِيدَةً أَوْ حُكْمًا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إِلَى كِتَابِ اللهِ أَوْ كَلَامِ الْمَعْصُومِ فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ. وَمَثَّلَ لِذَلِكَ بِالزَّائِرَاتِ لِلْقُبُورِ وَمَا يَأْتِينَهُ هُنَاكَ مِنَ الْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ بِاسْمِ الدِّينِ، وَبِتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ بِقِرَاءَةِ الْبُرْدَةِ وَنَحْوِهَا بِالنَّغْمَةِ الْمَعْرُوفَةِ. وَبِحَمْلِ الْمَبَاخِرِ الْفِضِّيَّةِ وَالْأَعْلَامِ أَمَامَهَا، وَبِالِاجْتِمَاعِ لِقِرَاءَةِ الدَّلَائِلِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْأَوْرَادِ بِالصِّيَاحِ الْخَاصِّ، وَقَالَ: إِنَّ كُلَّ هَذَا جَاءَ مِنِ اسْتِحْسَانِ مَا عِنْدَ الطَّوَائِفِ الْأُخَرِ. وَلَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ صَيْحَةٌ غَيْرُ صَيْحَةِ الْأَذَانِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الصَّلَاةِ: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) (17: 110) وَأَمَّا التَّلْبِيَةُ فَلَمْ يُشْرَعْ فِيهَا رَفْعُ الصَّوْتِ وَالصِّيَاحُ الشَّدِيدَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعَجِيجُ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ وَاخْتِلَافِ أَصْوَاتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعُوا عَقِيرَتَهُمْ جَهْدَ الْمُسْتَطَاعِ كَمَا يَفْعَلُ مُقَلِّدَةُ التَّصَوُّفِ. قَالَ: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْبِدَعِ فِي الْعَقَائِدِ وَالْأَحْكَامِ قَدْ دَخَلَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِتَسَاهُلِ رُؤَسَاءِ الدِّينِ وَتَوَهُّمِهِمْ أَنَّهَا تُقَوِّي أَصْلَ الْعَقِيدَةِ وَتُخْضِعُ الْعَامَّةَ لِسُلْطَانِ الدِّينِ، أَوْ لِسُلْطَانِهِمُ الْمُسْتَنِدِ إِلَى الدِّينِ. وَلَقَدْ دَخَلْتُ كَنِيسَةَ (بَيْتِ لَحْمٍ) فَسَمِعْتُ هُنَاكَ أَصْوَاتًا خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّهَا أَصْوَاتُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ يَقْرَءُونَ حِزْبَ الْبِرِّ مَثَلًا ثُمَّ عَلِمْتُ أَنَّهُمْ قِسِّيسُونَ، فَهَذِهِ الْبِدَعُ قَدْ سَرَتْ إِلَيْنَا مِنْهُمْ كَمَا سَرَتْ إِلَيْهِمْ مِنَ الْوَثَنِيِّينَ ; اسْتِحْسَانًا مِنْهُمْ مَا اسْتَحْسَنُوهُ مِنْ أُولَئِكَ تَوَهُّمًا أَنَّهُ يُفِيدُ الدِّينَ أُبَّهَةً وَفَخَامَةً وَيَزِيدُ النَّاسَ بِهِ اسْتِمْسَاكًا، فَكَانَ أَنْ تَرَكَ النَّاسُ مُهِمَّاتِ الدِّينِ اكْتِفَاءً بِهَذِهِ الْبِدَعِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الصَّائِحِينَ فِي الْأَضْرِحَةِ وَقِبَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَفِي الطُّرُقِ وَالْأَسْوَاقِ بِالْأَوْرَادِ وَالْأَحْزَابِ لَا يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَمَنْ عَسَاهُ يُصَلِّي مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَحْرِصُ عَلَى الْجَمَاعَةِ بَعْضَ حِرْصِهِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ لِلصِّيَاحِ بِقِرَاءَةِ الْحِزْبِ فِي لَيْلَةِ الْوَلِيِّ فُلَانٍ، وَلَقَدْ أَنِسَ النَّاسُ بِهَذِهِ الْبِدَعِ وَاسْتَوْحَشُوا مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ وَالسُّنَنِ حَتَّى ظَهَرَ فِيهِمْ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) أَيْ: وَإِذَا قِيلَ لِمُتَّبِعِي خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَى اللهِ بِغَيْرِ عَلَمٍ وَلَا بُرْهَانٍ: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلُ إِلَيْكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست