responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 68
شَيْئًا لَا مِنْ أُصُولِهِ وَلَا مِنْ فُرُوعِهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى تَكْفِيرِ هَؤُلَاءِ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَلَا إِلَى إِلْزَامِهِمْ مَعْرِفَةَ الْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ مِنْ دَلَائِلِهَا وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِأَدِلَّتِهَا وَعِلَلِهَا، فَلَا مَنْدُوحَةَ إِذَنْ عَنِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي الْأُصُولِ - وَهِيَ مَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ فِي اللهِ وَصِفَاتِهِ وَفِي الرِّسَالَةِ وَالرُّسُلِ وَفِي الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ وَهُوَ مَا فَصَّلَهُ النَّصُّ الْقَطْعِيُّ مِنْهُ - وَالتَّقْلِيدُ فِي الْفُرُوعِ الْعَمَلِيَّةِ بِالْأُولَى. وَهَذَا الْقَوْلُ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ، وَمَا قَالَهُ إِلَّا الَّذِينَ يُحِبُّونَ إِرْضَاءَ النَّاسِ بِإِقْرَارِهِمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ،
وَإِهْمَالِ مَا وَهَبَهُمْ مِنَ الْعَقْلِ لِيَنْطَبِقَ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (7: 179) وَالْمُرَادُ أَنَّ قُلُوبَهُمْ أَيْ عُقُولَهُمْ لَا تَفْقَهُ الدَّلَائِلَ عَلَى الْحَقِّ، وَأَعْيُنُهُمْ لَا تَنْظُرُ الْآيَاتِ نَظَرَ اسْتِدْلَالٍ، وَأَسْمَاعُهُمْ لَا تَفْهَمُ النُّصُوصَ فَهْمَ تَدَبُّرٍ وَاعْتِبَارٍ، فَهَذِهِ صِفَاتُ الْمُقَلِّدِينَ.
وَالْقَوْلُ الْوَسَطُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ هُوَ أَنَّهُ يَجِبُ النَّظَرُ فِي إِثْبَاتِ الْعَقَائِدِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَأْلِيفُ الْأَدِلَّةِ عَلَى قَوَانِينِ الْمَنْطِقِ، وَلَا الْتِزَامُ طَرِيقِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ الدَّلِيلِ عَلَى فَرْضِ انْتِفَاءِ الْمَطْلُوبِ، وَلَا إِيرَادُ الشُّكُوكِ وَالْأَجْوِبَةِ عَنْهَا، بَلْ أَفْضَلُ الطُّرُقِ فِيهِ وَأَمْثَلُهَا طَرِيقُ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ فِي عَرْضِ الْكَائِنَاتِ عَلَى الْأَنْظَارِ وَإِرْشَادِهَا إِلَى وَجْهِ الدَّلَالَةِ فِيهَا عَلَى وَحْدَانِيَّةِ مُبْدِعِهَا وَقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ. هَذَا هُوَ حُكْمُ اللهِ الصَّرِيحُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ أَمَرَ بِالْعِلْمِ بِالتَّوْحِيدِ فَقَالَ: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) (47: 19) وَقَالَ: (وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) (53: 28) وَطَالَبَ بِالْبُرْهَانِ وَجَعَلَهُ آيَةَ الصِّدْقِ (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (27: 64) وَجَعَلَ سَبِيلَهُ الَّذِي أَمَرَ بِاتِّبَاعِهِ وَنَهَى عَنْ سِوَاهُ الدَّعْوَةَ إِلَى الدِّينِ عَلَى بَصِيرَةٍ (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (12: 108) (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (6: 153) .
وَأَمَّا فَرْضُ الْأُمَّةِ جَاهِلَةً وَإِقْرَارُهَا عَلَى ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِاسْمِ الْإِسْلَامِ، وَمَا يُقَلِّدُ بِهِ الْجَاهِلُونَ أَمْثَالَهُمْ مِنَ الْأَحْكَامِ، فَهُوَ مِنَ الْقَوْلِ عَلَى اللهِ بِغَيْرِ عَلَمٍ وَلَا سُلْطَانٍ، وَقَدْ قَرَنَهُ تَعَالَى مَعَ الشِّرْكِ فِي التَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (7: 33) .
وَأَمَّا الْأَحْكَامُ وَمَسَائِلُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَمِنْهَا مَا لَا يَسَعُ أَحَدًا التَّقْلِيدُ فِيهِ وَهِيَ مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ مِنْ كَيْفِيَّاتِهَا وَفُرُوضِهَا فَإِنَّ أَدِلَّتَهَا وَأَعْمَالَهَا مُتَوَاتِرَةٌ. وَتَلْقِينَهَا مَعَ مَا وَرَدَ فِي فَوَائِدِهَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْهَدْيِ النَّبَوِيِّ يَجْعَلُ الْمُسْلِمَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِيهَا وَفِقْهٍ يَبْعَثُ عَلَى الْعَمَلِ وَلَا أَسْهَلَ مِنْهُ.
وَمِنْهَا فُرُوعٌ دَقِيقَةٌ مُسْتَنْبَطَةٌ مِنْ أَحَادِيثَ غَيْرِ مُتَوَاتِرَةٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست