responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 394
الْأُمَمِ تَشْهَدُ بِأَنَّ الْجَيْشَ الْعُثْمَانِيَّ أَثْبَتُ جُيُوشِ الْعَالَمِ وَأَصْبَرَهُ وَأَشْجَعَهُ. وَقَدْ تَمَنَّى قَائِدٌ أَلْمَانِيٌّ يُعَدُّ مِنْ أَشْهَرِ قُوَّادِ الْأَرْضِ لَوْ أَنَّ لَهُ مِائَةَ أَلْفٍ مِنْ هَذَا الْجَيْشِ لِيَمْلِكَ بِهَا الْعَالَمَ، ذَلِكَ بِأَنَّهُ جَيْشٌ يُؤْمِنُ بِلِقَاءِ اللهِ تَعَالَى إِيمَانًا قَوِيًّا يَقِلُّ فِي قُوَّادِهِ مَنْ يُسَاوِيهِ فِيهِ.
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) أَنَّ التَّوَجُّهَ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ مُفِيدٌ فِي الْقِتَالِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ) إِذْ عَطَفَهَا بِالْفَاءِ عَلَى آيَةِ الدُّعَاءِ، وَذَلِكَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى; فَإِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ آيَةُ ذَلِكَ الْإِيمَانِ الَّذِي بَيَّنَّا فَائِدَتَهُ آنِفًا; وَلِذَلِكَ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (8: 45) فَيُرَاجَعُ تَفْسِيرُهَا فِي الْجُزْءِ الْعَاشِرِ.
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ مِنَ السُّنَنِ الْعَامَّةِ، وَهُوَ مَا يُعَبِّرُ عَنْهُ عُلَمَاءُ الْحِكْمَةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ بِتَنَازُعِ الْبَقَاءِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْحَرْبَ طَبِيعِيَّةٌ فِي الْبَشَرِ; لِأَنَّهَا مِنْ فُرُوعِ سُنَّةِ تَنَازُعِ الْبَقَاءِ الْعَامَّةِ. وَأَنْتَ تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ لَيْسَ نَصًّا فِيمَا يَكُونُ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ
خَاصَّةً، بَلْ هُوَ عَامٌّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّنَازُعِ بَيْنَ النَّاسِ الَّذِي يَقْتَضِي الْمُدَافَعَةَ وَالْمُغَالَبَةَ. وَيَظُنُّ بَعْضُ الْمُتَطَفِّلِينَ عَلَى عِلْمِ السُّنَنِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْبَشَرِيِّ أَنَّ تَنَازُعَ الْبَقَاءِ الَّذِي يَقُولُونَ إِنَّهُ سُنَّةٌ عَامَّةٌ هُوَ مِنْ أَثَرَةِ الْمَادِّيِّينَ فِي هَذَا الْعَصْرِ، وَأَنَّهُ جَوْرٌ وَظُلْمٌ، هُمُ الْوَاضِعُونَ لَهُ وَالْحَاكِمُونَ بِهِ، وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِهَدْيِ الدِّينِ، وَلَوْ عَرَفَ مَنْ يَقُولُونَ هَذَا مَعْنَى الْإِنْسَانِ أَوْ لَوْ عَرَفُوا أَنْفُسَهُمْ، أَوْ لَوْ فَهِمُوا هَذِهِ الْآيَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ لَمَا قَالُوا مَا قَالُوا.
(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) يُؤَيِّدُ السُّنَّةَ الَّتِي يُعَبِّرُ عَنْهَا عُلَمَاءُ الِاجْتِمَاعِ بِالِانْتِخَابِ الطَّبِيعِيِّ أَوْ بَقَاءِ الْأَمْثَلِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ جَعْلُ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ مَا قَبْلَهُ; فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّ مَا فُطِرَ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ مُدَافَعَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا عَنِ الْحَقِّ وَالْمَصْلَحَةِ هُوَ الْمَانِعُ مِنْ فَسَادِ الْأَرْضِ، أَيْ: هُوَ سَبَبُ بَقَاءِ الْحَقِّ وَبَقَاءِ الصَّلَاحِ. وَيُعَزِّزُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي بَيَانِ حِكْمَةِ الْإِذْنِ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْقِتَالِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست