responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 384
الْمُقَدَّسَةُ بِأَنَّهُ صُلْبُ الرَّقَبَةِ أَوْ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ ((عَرِيضُ الْقَفَا)) عَلَى قُرْبِ عَهْدِهِ بِالْوَثَنِيَّةِ وَإِحَاطَةِ الشُّعُوبِ الْوَثَنِيَّةِ بِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْبَشَرِ فِي طَوْرِ ارْتِقَائِهِمْ; إِذْ لَا يُرَبَّى الرَّجُلُ الْعَاقِلُ بِمِثْلِ مَا يُرَبَّى بِهِ الطِّفْلُ أَوِ الْيَافِعُ، وَفِي سَائِرِ فَصُولِ سِفْرِ الْخُرُوجِ الثَّلَاثَةِ تَفْصِيلٌ لِمَا قَدَّمَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِصُنْعِ تِلْكَ الدَّارِ الَّتِي يُقَدَّسُ فِيهَا اللهُ، وَلِصُنْعِ الْخَيْمَةِ وَالتَّابُوتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَغَرَضُنَا مِنْهَا مَعْرِفَةُ حَقِيقَةِ التَّابُوتِ عِنْدَهُمْ، فَإِنَّكَ لَتَجِدُ فِي بَعْضِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَكُتُبِ الْقَصَصِ عِنْدَنَا أَقْوَالًا غَرِيبَةً عَنْهُ، مِنْهَا أَنَّهُ نَزَلَ مَعَ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَنْشَأُ تِلْكَ الْأَقْوَالِ مَا كَانَ يَنْبِذُ بِهِ الْإِسْرَائِيلِيُّونَ مِنَ الْقِصَصِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُخَادَعَةً لَهُمْ، لِيَكْثُرَ الْكَذِبُ فِي تَفْسِيرِهِمْ لِلْقُرْآنِ فَيَضِلُّوا بِهِ، وَيَجِدُ رُؤَسَاءُ الْيَهُودِ مَجَالًا وَاسِعًا لِلطَّعْنِ فِي الْقُرْآنِ يَصُدُّونَ بِهِ قَوْمَهُمْ عَنْهُ.
وَفِي آخِرِ فَصُولِ سِفْرِ الْخُرُوجِ أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَضَعَ اللَّوْحَيْنِ اللَّذَيْنِ فِيهِمَا شَهَادَةُ اللهِ - أَيْ: وَصَايَاهُ - لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التَّابُوتِ، وَفِي كُتُبِهِمُ الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ بَعْدَهُ عِنْدَ فَتَاهُ يَشُوعَ - أَيْ: يُوشَعَ - وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْصِرُونَ بِهَذَا التَّابُوتِ، فَإِذَا ضَعُفُوا فِي الْقِتَالِ وَجِيءَ بِهِ وَقَدَّمُوهُ تَثُوبُ إِلَيْهِمْ شَجَاعَتُهُمْ، وَيَنْصُرُهُمُ اللهُ تَعَالَى، أَيْ يَنْصُرُهُمْ بِتِلْكَ الشَّجَاعَةِ الَّتِي تَتَجَدَّدُ لَهُمْ بِإِحْضَارِ التَّابُوتِ لَا بِالتَّابُوتِ نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ غُلِبُوا عَلَى التَّابُوتِ فَأُخِذَ مِنْهُمْ عِنْدَمَا ضَعُفَ يَقِينُهُمْ وَفَسَدَتْ أَخْلَاقُهُمْ، فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُمُ التَّابُوتُ شَيْئًا كَمَا قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَقُولُ: وَفِي سِفْرِ تَثْنِيَةِ الِاشْتِرَاعِ (31: 24 - 30) ((أَنَّ مُوسَى لَمَّا كَمَّلَ كِتَابَةَ هَذِهِ التَّوْرَاةِ أَمَرَ اللَّاوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ قَائِلًا: خُذُوا كِتَابَ التَّوْرَاةِ هَذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ لِيَكُونَ شَاهِدًا عَلَيْكُمْ)) .
ثُمَّ كَانَتْ حَرْبٌ بَيْنَ الْفِلَسْطِينِيِّينَ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ عَالِيَا أَوْ عَالِيَ الْكَاهِنِ، فَانْتَصَرَ الْفِلَسْطِينِيُّونَ وَأَخَذُوا التَّابُوتَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ أَنْ نَكَّلُوا بِهِمْ تَنْكِيلًا فَمَاتَ عَالِي قَهْرًا، وَكَانَ صَمْوَئِيل - الَّذِي يُدْعَى فِي الْكُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ شمويلَ - قَاضِيًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ نَبِيُّهُمُ الَّذِي طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ مَلِكًا فَفَعَلَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَجَعَلَ رُجُوعَ التَّابُوتِ إِلَيْهِمْ آيَةً لِمُلْكِ طَالُوتَ الَّذِي أَقَامَهُ لَهُمْ، وَقَالُوا فِي سَبَبِ إِتْيَانِ التَّابُوتِ: إِنَّ أَهْلَ فِلَسْطِينَ ابْتُلُوا بَعْدَ أَخْذِ التَّابُوتِ بِالْفِيرَانِ فِي زَرْعِهِمْ وَالْبَوَاسِيرِ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَتَشَاءَمُوا مِنْهُ، وَظَنُّوا أَنَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ انْتَقَمَ مِنْهُمْ فَأَعَادُوهُ عَلَى عَجَلَةٍ تَجُرُّهَا بَقَرَتَانِ، وَوَضَعُوا فِيهِ صُوَرَ فِيرَانٍ وَصُوَرَ بَوَاسِيرَ مِنَ الذَّهَبِ جَعَلُوا كَفَّارَةً لِذَنْبِهِمْ.
وَمِنَ الْمُدَوَّنِ فِي التَّارِيخِ الْمُقَدَّسِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَمَّا أَحْرَقَ الْبَابِلِيُّونَ هَيْكَلَ سُلَيْمَانَ فُقِدَتِ التَّوْرَاةُ وَتَابُوتُ الْعَهْدِ مَعًا لِأَنَّهُمَا قَدْ أُحْرِقَا فِيهِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 384
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست