responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 374
مَا فِيهِ، وَنُعْمِلَ أَفْكَارَنَا فِي اسْتِخْرَاجِ الْعِبَرِ مِنْهُ، وَنَزْعِ نُفُوسِنَا عَمَّا ذَمَّهُ وَقَبَّحَهُ، وَنَحْمِلَهَا عَلَى التَّحَلِّي بِمَا اسْتَحْسَنَهُ وَمَدَحَهُ، وَإِذَا وَرَدَ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْمِلَلِ أَوِ الْمُؤَرِّخِينَ مَا يُخَالِفُ بَعْضَ هَذِهِ الْقِصَصِ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَجْزِمَ بِأَنَّ مَا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَى نَبِيِّهِ وَنُقِلَ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ الصَّحِيحِ هُوَ الْحَقُّ وَخَبَرُهُ هُوَ الصَّادِقُ، وَمَا خَالَفَهُ هُوَ الْبَاطِلُ، وَنَاقِلُهُ مُخْطِئٌ أَوْ كَاذِبٌ، فَلَا نَعُدُّهُ شُبْهَةً عَلَى الْقُرْآنِ، وَلَا نُكَلِّفُ أَنْفُسَنَا الْجَوَابَ عَنْهُ، فَإِنَّ حَالَ التَّارِيخِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَانَتْ مُشْتَبِهَةَ الْأَعْلَامِ حَالِكَةَ الظَّلَامِ، فَلَا رِوَايَةَ يُوثَقُ بِهَا لِلْمَعْرِفَةِ التَّامَّةِ بِسِيرَةِ رِجَالِ سَنَدِهَا، وَلَا تَوَاتُرَ يُعْتَدُّ بِهِ بِالْأَوْلَى، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ الْعَالَمُ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ مَنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، فَكَانَ بِدَايَةَ تَارِيخٍ جَدِيدٍ لِلْبَشَرِ، كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ - لَوْ أَنْصَفُوا - أَنْ يُؤَرِّخُوا بِهِ أَجْمَعِينَ اهـ.
أَقُولُ: إِنَّ الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى الذِّهْنِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ هُوَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ شُئُونِ الْأُمَمِ وَسِيَرِ الْعَالَمِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَنْطَمِسْ وَلَمْ تَذْهَبِ الثِّقَةُ بِهِ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ سَنَدُ رُوَاتِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ. وَبَيَانُ ذَلِكَ بِالْإِجْمَالِ: أَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ جَاءَ الْبَشَرَ بِهِدَايَةٍ جَدِيدَةٍ كَامِلَةٍ، كَانُوا قَدِ اسْتَعَدُّوا لِلِاهْتِدَاءِ بِهَا بِالتَّدْرِيجِ الَّذِي هُوَ سُنَّةُ اللهِ تَعَالَى فِيهِمْ، فَكَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُسْلِمِينَ فِي حِفْظِ الْعِلْمِ وَالتَّارِيخِ الْعِنَايَةُ التَّامَّةُ بِالرِّوَايَةِ مَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَمَا لَا يُقْبَلُ; وَلِذَلِكَ أَلَّفُوا الْكُتُبَ فِي تَارِيخِ الرُّوَاةِ لِتُعْرَفَ سِيرَتُهُمْ، وَيَتَبَيَّنَ الصَّادِقُ وَالْكَاذِبُ مِنْهُمْ، وَتُعْرَفَ الرِّوَايَةُ الْمُتَّصِلَةُ وَالْمُنْقَطِعَةُ، وَبَحَثُوا فِي الْكُتُبِ الْمُؤَلَّفَةِ مَتَى يُوثَقُ بِنِسْبَتِهَا إِلَى مُؤَلِّفِيهَا، وَبَيَّنُوا حَقِيقَةَ التَّوَاتُرِ الَّذِي يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَالْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهِرُ مِنْ رِوَايَاتِ الْآحَادِ، فَبِهَذِهِ الْعِنَايَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ سَنَدٌ لِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ الَّتِي وُجِدَتْ فِي الْمُسْلِمِينَ، عَلَى أَنَّ الْعِنَايَةَ بِعُلُومِ الدِّينِ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا كَانَتْ أَتَمَّ، ثُمَّ كَانَ شَأْنُ مَنْ قَفَّى عَلَى آثَارِهِمْ فِي الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ بَعْدَ ضَعْفِ حَضَارَتِهِمْ عَلَى نَحْوٍ مِنْ شَأْنِهِمْ فِي التَّصْنِيفِ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُمْ فِي ضَبْطِ الرِّوَايَةِ وَنَقْدِهَا وَالْأَمَانَةِ فِيهَا، فَلَمْ يَضِعْ شَيْءٌ مِنَ الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ وَلَا مِنَ الْحَوَادِثِ وَالْوَقَائِعِ الَّتِي جَرَتَ فِي الْعَالَمِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَمَا اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ وَالْمُصَنِّفُونَ فِي جُزْئِيَّاتِهِ مِنْ تَارِيخِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ يَسْهُلُ تَصْفِيَتُهُ فِي جُمْلَتِهِ، وَأَخْذُ الْمُصَفَّى مِنْهُ; لِأَجْلِ الِاعْتِبَارِ بِهِ، وَعِرْفَانِ سُنَنِ الِاجْتِمَاعِ مِنْهُ جَرْيًا عَلَى هَدْيِ الْقُرْآنِ فِيهِ.
لَقَدْ وَصَلَ الرَّاقُونَ فِي مَدَارِجِ الْعُمْرَانِ الْيَوْمَ إِلَى دَرَجَةٍ يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ فِيهَا مِنْ ضَبْطِ جُزْئِيَّاتِ الْوَقَائِعِ مَا لَمْ يَكُنْ يَسْهُلُ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ، كَاسْتِخْدَامِ الْكَهْرَبَاءِ فِي نَقْلِ الْأَخْبَارِ لِمَنْ يُدَوِّنُهَا فِي الصُّحُفِ، وَتَصْوِيرِ الْوَقَائِعِ وَالْمَعَاهِدِ بِمَا يُسَمُّونَهُ التَّصْوِيرَ الشَّمْسِيَّ (فُوتُغْرَافِيَا) وَسُهُولَةِ الِانْتِقَالِ - عَلَى الْكَاتِبِينَ - مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَتَأْمِينِ الْحُكَّامِ لَهُمْ مِنَ الْمَخَاوِفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدِ اجْتَمَعَ مِنْ هَذِهِ الْوَسَائِلِ فِي الْحَرْبِ الَّتِي كَانَتْ فِي هَذَيْنِ الْعَامَيْنِ بَيْنَ دَوْلَتَيِ الْيَابَانِ وَرُوسْيَا مَا لَمْ يَجْتَمِعْ لِمُدَوِّنِي التَّارِيخِ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْحُرُوبِ وَلَا غَيْرِ الْحُرُوبِ مِنْ حَوَادِثِ الزَّمَانِ. قَدْ كَانَ لِأَشْهَرِ الْجَرَائِدِ الْغَرْبِيَّةِ مُكَاتِبُونَ فِي مَوَاقِعِ الْحَرْبِ يَتَبَارَوْنَ فِي السَّبْقِ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَى جُزْئِيَّاتِ الْحَوَادِثِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست