responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 357
وَقَدْ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) لِلتَّذْكِيرِ بِأَنَّ لِلَّهِ الْعِزَّةَ وَالْغَلَبَةَ فِيمَا يُرِيدُ مِنْ تَحْوِيلِ الْأُمَمِ عَنْ عَادَاتٍ ضَارَّةٍ إِلَى سُنَنٍ نَافِعَةٍ تَقْتَضِيهَا الْحِكْمَةُ، كَتَحْوِيلِ الْعَرَبِ عَنْ عَادَاتِهِمْ فِي الْعِدَّةِ وَالْحِدَادِ بِجَعْلِ الْمَرْأَةِ أَسِيرَةً ذَلِيلَةً مَقْهُورَةً مُدَّةَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ إِكْرَامُهَا مَا دَامَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا بَيْنَ أَهْلِهِ، وَعَدَمُ الْحَجْرِ عَلَى حُرِّيَّتِهَا إِذَا أَرَادَتِ الْخُرُوجَ مِنْهُ مَا دَامَتْ فِي حَظِيرَةِ الشَّرْعِ وَآدَابِ الْأُمَّةِ الْمَعْرُوفَةِ، فَهَذِهِ الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ تُوَافِقُ مَصْلَحَةَ الْأَفْرَادِ وَالْجَمَاعَاتِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) قَالَ (الْجَلَالُ) : كَرَّرَهُ لِيَعُمَّ الْمَمْسُوسَةَ أَيْضًا إِذِ الْآيَةُ السَّابِقَةُ فِي غَيْرِهَا. وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ - كَعَادَتِهِ - الْقَوْلَ بِالتَّكْرَارِ، قَالَ: كَأَنَّ مَا تَقَدَّمَ خَاصٌّ وَمَا هُنَا عَامٌّ، وَالصَّوَابُ أَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَرَدَتْ فِي نَوْعٍ مِنْهُنَّ، فَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَنْ لَمْ تُمَسَّ وَقَدْ فُرَضَ لَهَا، وَحُكْمُ الْمَدْخُولِ بِهَا الْمَفْرُوضِ لَهَا، وَبَقِيَ حُكْمُ غَيْرِهِمَا (وَفِي الْمُذَكِّرَةِ الْمَأْخُوذَةِ فِي دَرْسِهِ: وَبَقِيَ حُكْمُ الْمَمْسُوسَةِ سَوَاءٌ فُرِضَ لَهَا أَمْ لَا) فَذَكَرَهُ هُنَا، وَلَمْ يُذْكُرْ ذَلِكَ بِالتَّرْتِيبِ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ كِتَابًا فَنِّيًّا فَيَكُونُ لِكُلِّ مَقْصِدٍ مِنْ مَقَاصِدِهِ بَابٌ خَاصٌّ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ كِتَابُ هِدَايَةٍ وَوَعْظٍ يَنْتَقِلُ بِالْإِنْسَانِ مِنْ شَأْنٍ مِنْ شِئُونِهِ إِلَى آخَرَ، وَيَعُودُ إِلَى مَبَاحِثِ الْمَقْصِدِ الْوَاحِدِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، مَعَ التَّفَنُّنِ فِي الْعِبَارَةِ، وَالتَّنْوِيعِ فِي الْبَيَانِ، حَتَّى لَا يَمَلَّ تَالِيهِ وَسَامِعُهُ مِنَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الِاهْتِدَاءِ، يُوجِزُ أَحْيَانًا بِمَا يَعْجَزُ كُلُّ أَحَدٍ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ إِذَا كَانَ الْمَقَامُ يَقْتَضِي الْإِيجَازَ، وَيُطْنِبُ فِي مَقَامٍ آخَرَ حَيْثُ يَنْبَغِي الْإِطْنَابُ، وَهُوَ مُعْجِزٌ فِي إِطْنَابِهِ كَإِيجَازِهِ، لَا لَغْوَ فِيهِ وَلَا حَشْوَ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ فِيهِ مَقَالٌ يَنْطَبِقُ عَلَى الْحِكْمَةِ، وَيُعِينُ عَلَى التَّدَبُّرِ وَالتَّذَكُّرِ.
أَقُولُ: إِنَّ الْمُطَلَّقَاتِ أَرْبَعٌ.
(1) مُطَلَّقَةٌ مَدْخُولٌ بِهَا قَدْ فُرِضَ لَهَا مَهْرٌ فَلَهَا كُلُّ الْمَفْرُوضِ، وَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَفِيهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) (2: 229) الْآيَةَ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا وَفِي مَعْنَاهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا) (4: 20) .
(2) وَمُطَلَّقَةٌ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَا مَفْرُوضٍ لَهَا، فَيَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ بِحَسَبِ إِيسَارِ الْمُطَلِّقِ وَلَا مَهْرَ لَهَا، وَفِيهَا قَوْلُهُ
تَعَالَى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ) (2: 236) الْآيَةَ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُهَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِآيَةِ الْأَحْزَابِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي تَفْسِيرِهَا اسْتِشْهَادًا.
(3) وَمُطَلَّقَةٌ مَفْرُوضٌ لَهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ الْمَفْرُوضِ، وَفِيهَا قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) (2: 237) وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا أَيْضًا.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست