responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 337
مَنِ الْمُتَوَفِّي؟ فَقَالَ: ((اللهُ تَعَالَى)) وَكَانَ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ أَمْرِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ إِيَّاهُ بِوَضْعِ بَعْضِ أَحْكَامِ النَّحْوِ.
وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ) وَالْخَبَرِ هُوَ جُمْلَةُ (يَتَرَبَّصْنَ) فَإِنَّهَا غَيْرُ جَلِيَّةٍ عَلَى قَوَاعِدِ النَّحْوِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى جَلِيًّا وَالتَّأْلِيفُ عَرَبِيًّا، وَقَدْ قَدَّرَ بَعْضُهُمْ لَفْظَ (زَوْجَاتٍ) مُضَافًا مَحْذُوفًا; أَيْ: وَزَوْجَاتُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ يَتَرَبَّصْنَ إِلَخْ. قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: وَلَا لُزُومَ لَهُ; أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَعَهُ فَائِدَةٌ لِقَوْلِهِ (وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ، وَيَرْوُونَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ مِنْ حُكْمِ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ. وَرَجَّحَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ مَا قَالَهُ الْكِسَائِيُّ وَمِثْلُهُ الْأَخْفَشُ، وَهُوَ أَنَّ الرَّابِطَ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ فِي مِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ هُوَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ إِلَى الْأَزْوَاجِ الَّذِي هُوَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الْمُبْتَدَأِ فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْمُبْتَدَأِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ أَزْوَاجُهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. قَالَ: وَهُوَ يَنْطَبِقُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ اللُّغَةَ، وَهُنَاكَ وَجْهٌ آخَرُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَهُوَ صِحَّةُ الْإِخْبَارِ عَنِ الْمُبْتَدَأِ بِمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
لَعَلِّي إِنْ مَالَتْ بِيَ الرِّيحُ مَيْلَةً ... إِلَى ابْنِ أَبِي ذُبْيَانَ أَنْ يَتَنَدَّمَا
فَمُرَادُ الشَّاعِرِ الْإِخْبَارُ عَنْ تَنَدُّمِ ابْنِ أَبِي ذُبْيَانَ، وَالْأَخْبَارُ فِي اللُّغَةِ لَا يُرَاعَى بِهَا إِلَّا صِحَّةُ الْمَعْنَى، وَكَوْنُهُ مَفْهُومًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ: (وَلَكِنَّ الْبَرَّ مَنِ اتَّقَى) (2: 189) .
وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَأْنِ الرَّاغِبِينَ فِي التَّزَوُّجِ بِمَنْ يُتَوَفَّى زَوْجُهَا الْمُسَارَعَةُ إِلَى خِطْبَتِهَا بَيَّنَ اللهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ اللَّائِقَةِ بِهِمْ وَبِكَرَامَةِ النِّسَاءِ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ فَقَالَ: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) فَالْمُرَادُ بِالنِّسَاءِ الْمُعْتَدَّاتِ لِوَفَاةِ أَزْوَاجِهِنَّ، قَالُوا: وَمِثْلُهُنَّ الْمُطَلَّقَاتُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَأَمَّا الرَّجْعِيَّاتُ فَلَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ لَهُنَّ; لِأَنَّهُنَّ لَمْ
يَخْرُجْنَ عَنْ عِصْمَةِ بُعُولَتِهِنَّ بِالْمَرَّةِ، وَالتَّعْرِيضُ فِي الْأَصْلِ إِمَالَةُ الْكَلَامِ عَنْ مَنْهَجِهِ إِلَى عَرْضٍ مِنْهُ وَهُوَ الْجَانِبُ، وَيُقَابِلُهُ التَّصْرِيحُ، فَهُوَ أَنْ تُفْهِمَ الْمُخَاطَبَ مَا تُرِيدُ بِضَرْبٍ مِنَ الْإِشَارَةِ وَالتَّلْوِيحِ يَحْتَمِلُهُ الْكَلَامُ عَلَى بُعْدٍ بِمَعُونَةِ الْقَرِينَةِ، وَفِي الْكَشَّافِ هُوَ: أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا تَدُلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ لَا تَذْكُرُهُ، كَمَا يَقُولُ الْمُحْتَاجُ لِلْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ: جِئْتُكَ لِأُسَلِّمَ عَلَيْكَ وَلِأَنْظُرَ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ. أَقُولُ: وَلِلنَّاسِ فِي كُلِّ عَصْرٍ كِنَايَاتٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَمِمَّا سَمِعْتُهُ مِنِ اسْتِعْمَالِ عَامَّةِ زَمَانِنَا فِي هَذَا ذِكْرُ الرَّغْبَةِ فِي الزَّوَاجِ مُسْنَدَةً إِلَى أُنَاسٍ مُبْهَمَيْنِ، نَحْوُ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَمَنَّى لَوْ يَكُونُ لَهُ كَذَا أَوْ يُوَفَّقُ إِلَى كَذَا، وَالْخِطْبَةُ - بِالْكَسْرِ مِنَ الْخِطَابِ أَوِ الْخَطْبِ وَهُوَ الشَّأْنُ الْعَظِيمُ، وَهِيَ طَلَبُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ لِلزَّوَاجِ بِالْوَسِيلَةِ الْمَعْرُوفَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا الْخُطْبَةُ - بِالضَّمِّ - فَهِيَ مَا يُوعَظُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَالْإِكْنَانُ فِي النَّفْسِ هُوَ مَا يُضْمِرُهُ مُرِيدُ الزَّوَاجِ فِي نَفْسِهِ وَيَعْزِمُ عَلَيْهِ مِنَ التَّزَوُّجِ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، أَبَاحَ اللهُ تَعَالَى أَنْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست