responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 319
يَتَحَكَّمُ
الرَّجُلُ بِمُطَلَّقَتِهِ فَيَمْنَعُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ أَنَفَةً وَكِبَرًا أَنْ يَرَى امْرَأَتَهُ تَحْتَ غَيْرِهِ، فَكَانَ يَصُدُّ عَنْهَا الْأَزْوَاجَ بِضُرُوبٍ مِنَ الصَّدِّ وَالْمَنْعِ، كَمَا كَانَ يُرَاجِعُهَا فِي آخِرِ الْعِدَّةِ لِأَجْلِ الْعَضَلِ، وَقَدْ أَثْبَتَ الْإِسْلَامُ الْوِلَايَةَ لِلْأَقْرَبِينَ وَحَرَّمَ الْعَضَلَ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنَ الزَّوَاجِ، وَأَنْ يُزَوِّجَ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةَ بِدُونِ إِذْنِهَا، فَجَمَعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْخِطَابِ هُنَا، فَقِيلَ: هُوَ لِلْأَزْوَاجِ، أَيْ لَا تَعْضُلُوا مُطَلَّقَاتِكُمْ أَيُّهَا الْأَزْوَاجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ، وَاضْطُرَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ إِلَى جَعْلِ الْأَزْوَاجِ بِمَعْنَى الرِّجَالِ الَّذِينَ سَيَكُونُونَ أَزْوَاجًا، وَقِيلَ: هُوَ لِلْأَزْوَاجِ وَالْأَوْلِيَاءِ عَلَى التَّوْزِيعِ، وَقَالُوا: لَا بَأْسَ بِالتَّفْكِيكِ فِي الضَّمَائِرِ لِظُهُورِ الْمُرَادِ وَعَدَمِ الِاشْتِبَاهِ، وَقِيلَ: لِلْأَوْلِيَاءِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ فِي الصَّحِيحِ، أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ شَتَّى مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: ((كَانَ لِي أُخْتٌ فَأَتَانِي ابْنُ عَمٍّ لِي فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ فَكَانَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَلَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ، فَهَوِيَهَا وَهَوِيَتْهُ، ثُمَّ خَطَبَهَا مَعَ الْخُطَّابِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا لُكَعُ أَكْرَمْتُكَ بِهَا وَزَوَّجْتُكَهَا فَطَلَّقْتَهَا ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا؟ وَاللهِ لَا تَرْجِعُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ فَعَلِمَ اللهُ حَاجَتَهُ إِلَيْهَا وَحَاجَتَهَا إِلَى بَعْلِهَا فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ. قَالَ: فَفِيَّ نَزَلَتْ فَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ)) وَفِي لَفْظٍ: ((فَلَمَّا سَمِعَهَا مَعْقِلٌ قَالَ: سَمْعًا لِرَبِّي وَطَاعَةً، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: أُزَوِّجُكَ وَأُكْرِمُكَ; وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَاهُ فَتَلَا عَلَيْهِ الْآيَةَ)) وَمِنْ هُنَا تَعْرِفُ خَطَأَ مَنْ قَالَ: إِنَّ إِسْنَادَ النِّكَاحِ إِلَى النِّسَاءِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّهُنَّ هُنَّ اللَّوَاتِي يَعْقِدْنَ النِّكَاحَ، فَإِنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ يُطْلَقُ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ عَلَى مَنْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا، كَانُوا يَقُولُونَ: نَكَحَتْ فُلَانَةُ فُلَانًا، كَمَا يَقُولُونَ حَتَّى الْآنَ: تَزَوَّجَتْ فُلَانَةُ بِفُلَانٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعَاقِدُ وَلِيَّهَا.
وَلَمْ تَكُنْ أُخْتُ مَعْقِلٍ حَاوَلَتْ أَنْ تَعْقِدَ عَلَى زَوْجِهَا فَمَنَعَهَا، وَإِنَّمَا طَلَبَهَا الزَّوْجُ مِنْهُ فَامْتَنَعَ أَنْ يُنْكِحَهُ إِيَّاهَا فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنَعَهَا أَنْ تَنْكِحَ زَوْجَهَا، وَنَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ، وَفَهِمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعَرَبِ كَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ بِهَذَا الْمَعْنَى.
وَفِي الْخِطَابِ وَجْهٌ ثَالِثٌ رَجَّحَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَاخْتَارَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ هُنَا، وَسَبَقَ لَهُ مِثْلُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لِلْأُمَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُتَكَافِلَةٌ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ عَلَى حَسَبِ الشَّرِيعَةِ; كَأَنَّهُ
يَقُولُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا وَقَعَ مِنْكُمْ تَطْلِيقٌ لِلنِّسَاءِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَأَرَادَ أَزْوَاجُهُنَّ أَوْ غَيْرُهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ وَأَرَدْنَ هُنَّ ذَلِكَ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ; أَيْ: لَا تَمْنَعُوهُنَّ مِنَ الزَّوَاجِ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ حَظَّهُ مِنَ الْخِطَابِ لِلْمَجْمُوعِ، وَتَقَدَّمَ لِهَذَا الْخِطَابِ نَظَائِرُ، وَمِنْهَا خِطَابُ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست