responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 256
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) - إِلَى قَوْلِهِ: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (5: 90 - 91) قَالُوا: انْتَهَيْنَا رَبَّنَا. وَقَالَ (الْجَلَالُ) فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْبَقَرَةِ: إِنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ شَرِبَهَا قَوْمٌ وَامْتَنَعَ آخَرُونَ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمَائِدَةِ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْإِطْلَاقِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْ كِتَابِ أَسْبَابِ النُّزُولِ لَهُ. وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ - وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: ((اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِالْمَالِ وَالْعَقْلِ)) فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَدَعِي عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ: ((اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا)) فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقَرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) فَكَانَ يُنَادِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ: ((أَنْ لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ)) فَدُعِي عُمَرُ فَقُرِئَتْ
عَلَيْهِ، فَقَالَ: ((اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا)) فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ، فَدَعِي عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ. فَلَمَّا بَلَغَ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قَالَ عُمَرُ: ((انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا)) . وَلَا يَتَوَقَّفُ فَهْمُ مَعْنَى الْآيَاتِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، وَيَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِهَا أَنَّ الْقَطْعَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالنَّهْيِ عَنْهَا كَانَ بَعْدَ تَمْهِيدٍ بِالذَّمِّ وَالنَّهْيِ عَنِ السُّكْرِ فِي حَالِ قُرْبِ الصَّلَاةِ، وَأَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ مُتَقَارِبَةٌ فَمَنْ يُنْهَى عَنْ قُرْبِ الصَّلَاةِ وَهُوَ سَكْرَانُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَجَنَّبَ السُّكْرَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ لِئَلَّا تَحْضُرَهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ سَكْرَانُ، وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ الْحَالِيَّةُ (وَأَنْتُمْ سُكَارَى) الَّتِي قَيَّدَ بِهَا النَّهْيَ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَفِي هَذَا مِنَ الْحِكْمَةِ فِي التَّدَرُّجِ بِالتَّكْلِيفِ مَا لَا يَخْفَى. قَالَ الْقَفَّالُ: وَالْحِكْمَةُ فِي وُقُوعِ التَّحْرِيمِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا قَدْ أَلِفُوا شُرْبَ الْخَمْرِ، وَكَانَ انْتِفَاعُهُمْ بِهَا كَثِيرًا، فَعَلِمَ اللهُ أَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَلَا جَرَمَ أَنِ اسْتَعْمَلَ فِي التَّحْرِيمِ هَذَا التَّدْرِيجَ وَهَذَا الرِّفْقَ. وَالَّذِي كَانَ يَتَبَادَرُ - لَوْلَا الرِّوَايَاتُ - أَنَّ آيَةَ سُورَةِ النِّسَاءِ هِيَ الَّتِي نَزَلَتْ أَوَّلًا، فَكَانُوا يَمْتَنِعُونَ عَنِ الشُّرْبِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ لِئَلَّا تَفُوتَهُمُ الصَّلَاةُ، وَأَمَّا آيَةُ الْمَائِدَةِ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا آخِرُ مَا نَزَلَ; لِأَنَّهَا أَكَّدَتِ النَّهْيَ، وَبَيَّنَتْ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ بِالتَّعْيِينِ، عَلَى أَنَّ السُّورَةَ بِرُمَّتِهَا مِنْ آخِرِ السُّورِ نُزُولًا.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ إِلَى أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّ مَا أَتَى بَعْدَهَا فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ التَّوْكِيدِ; لِأَنَّ لَفْظَ الْإِثْمِ يُفِيدُ الْمُحَرَّمَ. قَالَ تَعَالَى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) (7: 33) وَلَكِنْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ كَانَ تَدْرِيجِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ، وَوَجَّهَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَالْمَعْهُودُ فِي حِكْمَةِ التَّشْرِيعِ، وَقَالَ: إِنَّ الْإِثْمَ هُوَ الضَّرَرُ، فَتَحْرِيمُ كُلِّ ضَارٍّ لَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ مِنْ جِهَةٍ وَمُنَفِّعَةٌ مِنْ جِهَةٍ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست