responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 158
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: وَمِنْ ذَلِكَ تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْقَادِرِ عَلَى كَسْبٍ يَكْفِيهِ وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى نَزَلَ بِهِ الْفَقْرُ اعْتِمَادًا عَلَى السُّؤَالِ، وَنَقُولُ: إِنَّهَا كَمَا حَرَّمَتْ إِعْطَاءَهُ حَرَّمَتْ عَلَيْهِ الْأَخْذَ إِذَا هُوَ أَعْطَاهُ مُعْطٍ، فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَقْبَلَ صَدَقَةً وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إِلَيْهَا، وَلَا لِلْمُضْطَرِّ إِلَّا إِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ إِزَالَةِ اضْطِرَارِهِ بِسَعْيِهِ وَكَسْبِهِ.
أَقُولُ: وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا وَذَاكَ مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَارِي الَّذِي لَا يَجِدُ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَسْتَعِيرَ ثَوْبًا يُصَلِّي فِيهِ أَوْ يَقْبَلَهُ صَدَقَةً مِمَّنْ يَبْذُلُهُ لَهُ ; لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمِنَّةِ الَّتِي لَا يُكَلِّفُهُ الْإِسْلَامُ احْتِمَالَهَا، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَارِيًا.
قَالَ: وَمِنْهُ تَحْرِيمُ الرِّبَا لِأَنَّهُ أَكْلٌ لِأَمْوَالِ النَّاسِ بِدُونِ مُقَابِلٍ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ الْمُعْطِي، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ بِمَا يَقَعُ فِي النَّاسِ كَثِيرًا مِنْ أَكْلِ الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَمِ، وَقَالَ: إِنَّ رُوحَ الشَّرِيعَةِ تُعَلِّمُنَا بِمِثْلِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنَ الْإِنْسَانِ أَنْ يَكْتَسِبَ الْمَالَ مِنَ الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْرُوعَةِ الَّتِي لَا تَضُرُّ أَحَدًا، وَإِنَّمَا أَجْمَلُ وَأَوْجَزُ الْقُرْآنُ فِي الْبَاطِلِ ; لِأَنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ الْمَعْرُوفَةِ لِلنَّاسِ بِوُجُوهِهِ الْكَثِيرَةِ، وَحَسْبُ الْمُسْلِمِ أَنْ يَكُفَّ عَنْ كُلِّ مَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ بَاطِلٌ، عَلَى أَنَّهُ بَيَّنَ هَذَا الْإِجْمَالَ فِي أُمُورٍ قَدْ تَخْفَى عَلَى النَّاسِ كَالْإِدْلَاءِ إِلَى الْحُكَّامِ الْآتِي، وَكَتَحْرِيمِ الرِّبَا ; أَيْ: رِبَا الْفَضْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ دُونَ رِبَا النَّسِيئَةِ الْمُحَرَّمِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَهُوَ لَا خَفَاءَ فِي بُطْلَانِهِ ; لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَالِ لِأَجْلِ التَّأْخِيرِ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ الَّذِي اسْتُهْلِكَ لَا لِمَنْفَعَةٍ جَدِيدَةٍ.
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ التَّعَدِّي عَلَى النَّاسِ بِغَصْبِ الْمَنْفَعَةِ، بِأَنْ يُسَخِّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي عَمَلٍ لَا يُعْطِيهِ عَلَيْهِ أَجْرًا، أَوْ يَنْقُصَهُ مِنَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى أَوْ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُ ضُرُوبِ التَّعَدِّي وَالْغِشِّ وَالِاحْتِيَالِ، كَمَا يَقَعُ مِنَ السَّمَاسِرَةِ فِيمَا يَذْهَبُونَ فِيهِ مِنْ مَذَاهِبِ التَّلْبِيسِ وَالتَّدْلِيسِ ; إِذْ يُزَيِّنُونَ لِلنَّاسِ السِّلَعَ الرَّدِيئَةَ، وَالْبَضَائِعَ الْمُزْجَاةَ، وَيُسَوِّلُونَ لَهُمْ فَيُوَرِّطُونَهُمْ، وَكُلُّ مَنْ بَاعَ أَوِ اشْتَرَى مُسْتَعِينًا بِإِيهَامِ الْآخَرِ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَلَا صِحَّةَ، بِحَيْثُ لَوْ عَرَفَ الْخَفَايَا وَانْقَلَبَ وَهْمُهُ عِلْمًا لَمَا بَاعَ أَوْ لَمَا اشْتَرَى فَهُوَ آكِلٌ لِمَالِهِ بِالْبَاطِلِ.
وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمُوهِمِينَ بَاعَةُ التَّوْلَاتِ وَالتَّنَاجِيسِ وَالتَّمَائِمِ، وَكَذَا الْعَزَائِمُ، وَخَتَمَاتُ الْقُرْآنِ، وَالْعَدَدُ الْمَعْلُومُ مِنْ سُورَةِ (يس) أَوْ بَعْضُ الْأَذْكَارِ، وَقَدْ بَلَغَ مِنْ هُزُؤِ هَؤُلَاءِ بِالدِّينِ أَنْ كَانَ بَعْضُ الْمَشْهُورِينَ مِنْهُمْ يَبِيعُ سُورَةَ (يس) لِقَضَاءِ الْحَاجَاتِ
أَوْ لِرَحْمَةِ الْأَمْوَاتِ، يَقْرَؤُهَا مَرَّاتٍ كَثِيرَةً، وَيَعْقِدُ لِكُلِّ مَرَّةٍ عُقْدَةً فِي خَيْطٍ يَحْمِلُهُ، حَتَّى إِذَا مَا جَاءَهُ طَالِبُ ابْتِيَاعِ الْقِرَاءَةِ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ بَعْدَ الْمُسَاوَمَةِ يَحُلُّ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْعُقَدِ، بِقَدْرِ مَا يَطْلُبُ مِنَ الْعَدَدِ. ذَكَرَ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي الدَّرْسِ، وَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ عَنْ رُؤَسَاءِ بَعْضِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست