responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 156
وَمَنِ اعْتَقَدَ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الْمُشْتَرَكَ مَنَاطُ الْحُكْمِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنِ اعْتَقَدَ صِحَّةَ مَذْهَبٍ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا، أَوْ دَلَالَةَ لَفْظٍ عَلَى مَعْنًى لَمْ يُرِدْهُ الرَّسُولُ، وَهَذَا اجْتِهَادٌ يُثَابُونَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ اتِّبَاعُهَا.
(الْوَجْهُ الرَّابِعُ) أَنَّ الْقِيَاسَ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا لَمْ يَدُلَّ كَلَامُ الشَّارِعِ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ، إِذَا سَبَرْنَا أَوْصَافَ الْأَصْلِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْعِلَّةِ إِلَّا الْوَصْفُ الْمُعِينُ، وَحَيْثُ أَثْبَتْنَا عِلَّةَ الْأَصْلِ بِالْمُنَاسَبَةِ أَوِ الدَّوْرَانِ أَوِ الشَّبَهِ الْمُطَّرِدِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ، فَلَا بُدَّ مِنَ السَّبْرِ، فَإِذَا كَانَ فِي الْأَصْلِ وَصْفَانِ مُنَاسِبَانِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَلَّلَ الْحُكْمُ بِهَذَا دُونَ هَذَا.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ أَثْبَتَا الْفِطْرَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَالْحَيْضِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَهَى الْمُتَوَضِّئَ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِذَا كَانَ صَائِمًا، وَقِيَاسُهُمْ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ أَقْوَى حُجَجِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ قِيَاسٌ ضَعِيفٌ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ (مَنْ) نَشِقَ الْمَاءَ بِمَنْخِرَيْهِ يَنْزِلُ الْمَاءُ إِلَى حَلْقِهِ وَإِلَى جَوْفِهِ، فَيَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ مَا يَحْصُلُ لِلشَّارِبِ بِفَمِهِ، وَيُغَذِّي بَدَنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، وَيَزُولُ الْعَطَشُ وَيُطْبَخُ الطَّعَامُ فِي مَعِدَتِهِ كَمَا يَحْصُلُ
بِشُرْبِ الْمَاءِ، فَلَوْ لَمْ يَرِدِ النَّصُّ بِذَلِكَ لِعُلِمَ بِالْعَقْلِ أَنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ الشُّرْبِ فَإِنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ إِلَّا فِي دُخُولِ الْمَاءِ مِنَ الْفَمِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، بَلْ دُخُولُ الْمَاءِ إِلَى الْفَمِ وَحْدَهُ لَا يُفَطِّرُ، فَلَيْسَ هُوَ مُفَطِّرًا وَلَا جُزْءًا مِنَ الْمُفَطِّرِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ، بَلْ هُوَ طَرِيقٌ إِلَى الْفِطْرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْكُحْلُ وَالْحُقْنَةُ وَمُدَاوَاةُ الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ ; فَإِنَّ الْكُحْلَ لَا يُغَذِّي أَلْبَتَّةَ، وَلَا يُدْخِلُ أَحَدٌ كُحْلًا إِلَى جَوْفِهِ لَا مِنْ أَنْفِهِ وَلَا مِنْ فَمِهِ، وَكَذَلِكَ الْحُقْنَةُ لَا تُغَذِّي بَلْ تَسْتَفْرِغُ مَا فِي الْبَدَنِ، كَمَا لَوْ شَمَّ شَيْئًا مِنَ الْمُسَهِّلَاتِ، أَوْ فَزِعَ فَزَعًا أَوْجَبَ اسْتِطْلَاقَ جَوْفِهِ، وَهِيَ لَا تَصِلُ إِلَى الْمَعِدَةِ.
وَالدَّوَاءُ الَّذِي يَصِلُ إِلَى الْمَعِدَةِ فِي مُدَاوَاةِ الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ لَا يُشْبِهُ مَا يَصِلُ إِلَيْهَا مِنْ غِذَائِهِ انْتَهَى. كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست