responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 124
تَعَالَى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) قَالُوا: ظَاهِرُهُ فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ أَوْ فَالْوَاجِبُ عِدَّةٌ، وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ، وَمُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ أَوِ الْمَشَقَّةَ الشَّدِيدَةَ. حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَوْمٍ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَشُقَّ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمُ: الْفِطْرُ أَفْضَلُ عَمَلًا بِالرُّخْصَةِ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مُخَيَّرٌ مُطْلَقًا، وَقَالَ آخَرُونَ:
أَفْضَلُهُمَا أَيْسَرُهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) فَإِنْ كَانَ الْفِطْرُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ فَهُوَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ الصِّيَامُ أَيْسَرَ - كَمَنْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بَعْدُ - فَالصَّوْمُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ. وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ الْفِطْرُ أَفْضَلَ لِمَنِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَتَضَرَّرَ بِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ ظُنَّ بِهِ الْإِعْرَاضُ عَنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ. وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي طُعْمَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عُمَرَ: إِنِّي أَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ لَمْ يَقْبَلْ رُخْصَةَ اللهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ جِبَالِ عَرَفَةَ. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ رَغِبَ عَنِ الرُّخْصَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)) وَكَذَلِكَ مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُجْبَ أَوِ الرِّيَاءَ إِذَا صَامَ فِي السَّفَرِ، فَقَدْ يَكُونُ الْفِطْرُ أَفْضَلَ لَهُ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، فَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِذَا سَافَرْتَ فَلَا تَصُمْ فَإِنَّكَ إِنْ تَصُمْ قَالَ أَصْحَابُكَ: اكْفُوا الصَّائِمَ، وَارْفَعُوا لِلصَّائِمِ. وَقَامُوا بِأَمْرِكَ، وَقَالُوا: فُلَانٌ صَائِمٌ. فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَذْهَبَ أَجْرُكَ. وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ أَيْضًا عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ نَحْوُ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ: وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ ((الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ)) فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ مَرْفُوعًا أَيْضًا وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَذَكَرَ أَنَّ مَا عَدَا هَذَيْنِ فِي مَعْنَاهُمَا فَهُوَ مَوْقُوفٌ وَمُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ. ثُمَّ قَالَ:
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ)) فَسَلَكَ الْمُجِيزُونَ فِيهِ طُرُقًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ فَيُقْصَرُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ، وَإِلَى هَذَا جَنَحَ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَلِذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ أَنْ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ وَلَفْظُهُ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، فَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَدْ دَخَلَ تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ كَضَجْعَةِ الْوَجِعِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَا لِصَاحِبِكُمْ، أَيُّ وَجَعٍ بِهِ)) ؟ قَالُوا: لَيْسَ بِهِ وَجَعٌ، وَلَكِنَّهُ صَائِمٌ وَقَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَئِذٍ:
((لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تَصُومُوا

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 2  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست