responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 53
عَطَشٌ شَدِيدٌ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتُقْطَعُ حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يُرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَتِ السَّمَاءُ، فَأَهْطَلَتْ ثُمَّ سَكَبَتْ فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ، ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ، أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِهِمَا وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ.
(مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيعُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) أَيِ اتَّبَعُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا قَرُبَ أَنْ يَزِيغَ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ عَنْ صِرَاطِ الْإِسْلَامِ، بِعِصْيَانِ الرَّسُولِ حِينَ أَمَرَ بِالنَّفِيرِ الْعَامِّ، إِذْ تَثَاقَلَ بَعْضُهُمْ عَنِ النَّفَرِ وَوَبَّخَهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي الْآيَاتِ 38، 39، 40 أَوِ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَابَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كَافَّةً مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْمُرَادُ بِهِمُ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا بِالْفِعْلِ مِنْهُمْ لِغَيْرِ عِلَّةِ النِّفَاقِ، وَهُمُ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا
صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا وَاعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ تَائِبِينَ فَقَبِلَ اللهُ تَوْبَتَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ هُنَا فِيهِمْ: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ) وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْعَطْفِ بِثُمَّ، وَأَمَّا عَلَى التَّوْجِيهِ الْآخَرِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا فِي أَوَّلِ الْآيَةِ مِنَ التَّوْبَةِ عَلَى الْجَمِيعِ (إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِقَبُولِ تَوْبَتِهِمْ فَالرَّأْفَةُ الْعِنَايَةُ بِالضَّعِيفِ وَالرِّفْقُ بِهِ وَالْعَطْفُ عَلَيْهِ. وَالرَّحْمَةُ أَعَمُّ وَأَوْسَعُ، وَتَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنَاهَا فِي تَفْسِيرِ الْفَاتِحَةِ. قَرَأَ (كَادَ يَزِيغُ) بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ، وَقَرَأَهَا الْبَاقُونَ (تَزِيغُ) بِالْفَوْقَانِيَّةِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ فِيهِمَا إِلَّا أَنَّ فِي هَذِهِ مِنِ احْتِمَالِ الْإِعْرَابِ النَّحْوِيِّ مَا لَيْسَ فِي تِلْكَ.
(وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) أَيْ وَتَابَ أَيْضًا عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى تَبُوكَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمُ الْمُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ فِي الْآيَةِ (106) أَوْ خُلِّفُوا بِمَعْنَى أُرْجِئُوا حَتَّى يَنْزِلَ فِيهِمْ أَمْرُ اللهِ، وَهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مَنْ بَنِي سَلِمَةَ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ مِنْ بَنِي وَاقِفٍ وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ مَنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: (حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ) أَيْ خُلِّفُوا وَأَبْهَمَ اللهُ أَمْرَهُمْ إِلَى أَنْ شَعَرُوا بِأَنَّ الْأَرْضَ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ بِرَحِبِهَا أَيْ بِمَا وَسِعَتْ مِنَ الْخَلْقِ خَوْفًا مِنَ الْعَاقِبَةِ وَتَأَلُّمًا وَامْتِعَاضًا مِنْ إِعْرَاضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُؤْمِنِينَ عَنْهُمْ وَهَجْرِهِمْ إِيَّاهُمْ فِي الْمُجَالَسَةِ وَالْمُحَادَثَةِ وَالتَّحِيَّةِ (وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) أَيْ وَضَاقَتْ أَنْفُسُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِمَا كَانُوا يَشْعُرُونَ بِهِ مِنْ ضِيقِ صُدُورِهِمْ بِامْتِلَاءِ قُلُوبِهِمْ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ حَتَّى لَا مُتَّسَعَ فِيهَا لِشَيْءٍ مِنَ الْبَسْطِ وَالسُّرُورِ، فَكَأَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَكَانًا تَرْتَاحُ إِلَيْهِ وَتَطْمَئِنُّ بِهِ (وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ) وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ لَا مَلْجَأَ لَهُمْ مِنْ سُخْطِ اللهِ يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ إِلَّا إِلَيْهِ تَعَالَى بِأَنْ يَتُوبُوا إِلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُوهُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ فَإِنَّ الرَّسُولَ الْبَرَّ الرَّءُوفَ الرَّحِيمَ بِأَصْحَابِهِ مَا عَادَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ حَتَّى يَطْلُبُوا دُعَاءَهُ وَاسْتِغْفَارَهُ، وَهُوَ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست