responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 42
وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَهُوَ حُجَّةُ اللهِ الْبَالِغَةُ الَّتِي لَا يَدْحَضُهَا شَيْءٌ وَهِيَ تَدْحَضُ كُلَّ شَيْءٍ.
ثُمَّ وَصَفَ اللهُ تَعَالَى هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الْبَائِعِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى بِجَنَّتِهِ وَدَارِ كَرَامَتِهِ، فَقَالَ: (التَّائِبُونَ) أَيْ هُمُ التَّائِبُونَ الْكَامِلُونَ فِي تَوْبَتِهِمْ وَهِيَ الرُّجُوعُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَنْ كُلِّ مَا يَبْعُدُ عَنْ مَرْضَاتِهِ، وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ أَهْلِهَا، فَتَوْبَةُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي الْإِسْلَامِ هِيَ الرُّجُوعُ عَنِ الْكُفْرِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ شِرْكٍ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) (9: 11) وَتَوْبَةُ الْمُنَافِقِ مِنَ النِّفَاقِ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَيْضًا، وَتَوْبَةُ الْعَاصِي مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَمِنْهُ تَوْبَةُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا ذِكْرُ مَنْ تَابَ مِنْهُمْ وَمَنْ أَرْجَى أَمْرَهُ، وَتَوْبَةُ الْمُقَصِّرِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْبِرِّ وَعَمَلِ الْخَيْرِ إِنَّمَا تَكُونُ فِي التَّشْمِيرِ فِيهِ وَالِاسْتِزَادَةِ مِنْهُ، وَتَوْبَةُ مَنْ يَغْفُلُ عَنْ رَبِّهِ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الْإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ تَوْبَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَى الْجَمِيعِ فِي الْآيَتَيْنِ (117 و118) .
(الْعَابِدُونَ) لِلَّهِ رَبِّهِمْ وَحْدَهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فِي جَمِيعِ عِبَادَاتِهِمْ فِي عَامَّةِ أَوْقَاتِهِمْ، لَا يَتَوَجَّهُونَ إِلَى غَيْرِهِ بِدُعَاءٍ وَلَا اسْتِعَانَةٍ، وَلَا يَتَقَرَّبُونَ إِلَى سِوَاهُ بِعَمَلٍ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ الْقُرْبَةُ وَمَثُوبَةُ الْآخِرَةِ.
(الْحَامِدُونَ) لِلَّهِ رَبِّهِمْ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْحَمْدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَاءِ مِنْهُ تَعَالَى. وَمَهْمَا يُصِبِ الْإِنْسَانَ مِنْ مَصَائِبِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَبْقَى لَهُ مِنَ النِّعَمِ فِيهَا وَفِي الدِّينِ بَلْ لَهُ مِنَ اللُّطْفِ الْإِلَهِيِّ فِي نَفْسِ الْمَصَائِبِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمَدَ اللهَ وَيَشْكُرَهُ عَلَيْهِ (وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْحَمْدِ وَالْعِبَادَةِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا) .
(السَّائِحُونَ) فِي الْأَرْضِ يَجُوبُونَ الْأَقْطَارَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ عِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ كَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، أَوْ لِلْهِجْرَةِ حَيْثُ تُشْرَعُ الْهِجْرَةُ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: السَّائِحُونَ هُمُ الْمُهَاجِرُونَ، لَيْسَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ سِيَاحَةٌ إِلَّا الْهِجْرَةَ. أَوْ لِطَلَبِ الْعِلْمِ النَّافِعِ لِلسَّائِحِ فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ أَوِ النَّافِعِ لِقَوْمِهِ وَأُمَّتِهِ، وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِطَلَبِ الْحَدِيثِ (لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَافِرُونَ مِنْ مِصْرَ إِلَى أُخْرَى لِلرِّوَايَةِ) أَوْ لِلنَّظَرِ فِي خَلْقِ اللهِ وَأَحْوَالِ الشُّعُوبِ وَالْأُمَمِ لِلِاعْتِبَارِ وَالِاسْتِبْصَارِ وَمَعْرِفَةِ سُنَنِ اللهِ تَعَالَى وَحِكَمِهِ وَآيَاتِهِ، وَهَذَا مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَاتُ الْمُتَعَدِّدَةُ فِي الْحَثِّ عَلَى السَّيْرِ فِي الْأَرْضِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْأَصْلَيْنِ (13 و14 مِنَ الْأُصُولِ الْعِلْمِيَّةِ الَّتِي اسْتَنْبَطْنَاهَا مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ ص 255 ج 8 ط الْهَيْئَةِ) .
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّائِحِينَ الصَّائِمُونَ، وَقَالَهُ فِي تَفْسِيرِ (سَائِحَاتٍ) مِنْ سُورَةِ التَّحْرِيمِ، وَتَعَلَّقَ بِهِ مُصَنِّفُو التَّفَاسِيرِ لِاسْتِبْعَادِهِمْ مَدْحَ اللهِ تَعَالَى النِّسَاءَ بِالسِّيَاحَةِ فِي الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا يُحْظَرُ فِي الْإِسْلَامِ سَفَرُ الْمَرْأَةِ مُنْفَرِدَةً دُونَ زَوْجِهَا أَوْ أَحَدِ مَحَارِمِهَا، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ تَسِيحُ مَعَ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ حَيْثُ يَسِيحُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ عِلْمٍ نَافِعٍ أَوْ عَمَلٍ صَالِحٍ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست