responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 40
(يَقْتُلُونَ) الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِتَقْدِيمِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ، فَدَلَّتِ الْقِرَاءَتَانِ عَلَى أَنَّ الْوَاقِعَ هُوَ أَنْ
يُقْتَلَ بَعْضُهُمْ وَيَسْلَمَ بَعْضٌ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ فِي الْفَضْلِ، وَالْمَثُوبَةِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي سَبِيلِهِ لَا حُبًّا فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ، وَلَا رَغْبَةً فِي اغْتِنَامِ الْأَمْوَالِ، وَلَا تَوَسُّلًا إِلَى ظُلْمِ الْعِبَادِ، كَمَا يَفْعَلُ عُبَّادُ الدُّنْيَا مِنَ الْمُلُوكِ وَرُؤَسَاءِ الْأَجْنَادِ.
(وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) أَيْ وَعَدَهُمْ بِذَلِكَ وَعْدًا أَوْجَبَهُ لَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ. وَجَعَلَهُ حَقًّا عَلَيْهِ أَثْبَتَهُ فِي الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى أَشْهَرِ رُسُلِهِ، وَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ هَذَا الْوَعْدِ عَلَى وُجُودِهِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ اللَّذَيْنِ فِي أَيْدِي أَهْلِ الْكِتَابِ بِنَصِّهِ، لِمَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ ضَيَاعِ كَثِيرٍ مِنْهُمَا، وَتَحْرِيفِ بَعْضِ مَا بَقِيَ لَفْظًا وَمَعْنًى، بَلْ يَكْتَفِي إِثْبَاتُ الْقُرْآنِ لِذَلِكَ وَهُوَ مُهَيْمِنٌ عَلَيْهِمَا. (رَاجِعْ ص 299 وَمَا بَعْدَهَا ج 10 ط الْهَيْئَةِ) .
(وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ) ؟ أَيْ لَا أَحَدَ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَأَصْدَقُ فِي إِنْجَازِ وَعْدِهِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذْ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ عَجْزٌ عَنِ الْوَفَاءِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ فِيهِ التَّرَدُّدُ أَوِ الْبَدَاءُ، (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ) الِاسْتِبْشَارُ: الشُّعُورُ بِفَرَحِ الْبُشْرَى أَوِ اسْتِشْعَارُهَا، الَّذِي تَنْبَسِطُ بِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ فَيَتَأَلَّقُ نُورُهَا، وَالْجُمْلَةُ تَقْرِيرٌ لِتَمَامِ صَفْقَةِ الْبَيْعِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ: (وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الَّذِي لَا يَتَعَاظَمُهُ فَوْزٌ، دُونَ مَا يَتَقَدَّمُهُ مِنَ النَّصْرِ وَالسِّيَادَةِ وَالْمِلْكِ، الَّذِي لَا يُعَدُّ فَوْزًا إِلَّا بِجَعْلِهِ وَسِيلَةً لِإِقَامَةِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ. أَعْلَى اللهُ تَعَالَى مَقَامَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ فَجَعَلَهُمْ بِفَضْلِهِ مَالِكِينَ مَعَهُ، وَمُبَايِعِينَ لَهُ، وَمُسْتَحِقِّينَ لِلثَّمَنِ الَّذِي بَايَعَهُمْ بِهِ، وَأَكَّدَ لَهُمْ أَمْرَ الْوَفَاءِ بِهِ وَإِنْجَازَهُ، وَيُرْوَى عَنْ جَدِّنَا الْإِمَامِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ:
أُثَامِنُ بِالنَّفْسِ النَّفِيسَةِ رَبَّهَا ... فَلَيْسَ لَهَا فِي الْخَلْقِ كُلِّهِمْ ثَمَنُ
بِهَا أَشْتَرِي الْجَنَّاتِ إِنْ أَنَا بِعْتُهَا
بِشَيْءٍ سِوَاهَا إِنَّ ذَلِكُمْ غَبَنُ
إِذَا ذَهَبَتْ نَفْسِي بِدُنْيَا أَصَبْتُهَا
فَقَدْ ذَهَبَتْ مِنِّي وَقَدْ ذَهَبَ الثَّمَنُ
وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِأَبْدَانِكُمْ ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةَ فَلَا تَبِيعُوهَا إِلَّا بِهَا. وَمَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ فِي سَبِيلِ اللهِ كَانَ بَاذِلًا لِبَدَنِهِ الْفَانِي لَا لِرُوحِهِ الْبَاقِيَةِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَبِيعَ لِرَبِّهِ جَسَدَهُ دُونَ نَفْسِهِ النَّاطِقَةِ كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُ الْمُتَفَلْسِفِينَ.
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ثَانِيًا طَرَفَيْ رِدَائِهِ عَلَى عَاتِقِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُنْزِلَتْ فِينَا هَذِهِ الْآيَةُ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: بَيْعٌ رَبِيحٌ، لَا نُقِيلُ وَلَا نَسْتَقِيلُ - يَعْنِي الْبَيْعَ -.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست