responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 381
إِلَى مُوسَى كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ وَغَيْرِهَا، الْمُبْطِلِ لِادِّعَاءِ فِرْعَوْنَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) (79: 24) وَقَوْلِهِ: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) (28: 38) (قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ) أَيْ أَقْسَمُوا إِنَّ هَذَا الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ إِنَّمَا هُوَ سِحْرٌ بَيِّنٌ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا السِّحْرُ صِنَاعَةٌ بَاطِلَةٌ هُمْ أَحَذَقُ النَّاسِ بِهَا، فَكَيْفَ يَتَّبِعُونَ مَنْ جَاءَ يُنَازِعُهُمْ سُلْطَانَهُمْ بِهَا، فَمَاذَا قَالَ لَهُمْ مُوسَى؟ .
(قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ) أَيْ قَالَ لَهُمْ مُتَعَجِّبًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَتَقُولُونَ هَذَا الَّذِي قُلْتُمْ لِلْحَقِّ الظَّاهِرِ، الَّذِي هُوَ أَبَعْدُ الْأَشْيَاءِ عَنْ كَيْدِ السِّحْرِ الْبَاطِلِ، لَمَّا جَاءَكُمْ وَعَرَفْتُمُوهُ وَاسْتَيْقَنَتْهُ أَنْفُسُكُمْ، حَذَفَ مَقُولَ الْقَوْلِ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ: (إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ) وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ مُنْكِرًا لَهُ مُتَعَجِّبًا مِنْهُ: (أَسِحْرٌ هَذَا) أَيْ إِنَّ هَذَا الَّذِي تَرَوْنَهُ مِنْ آيَاتِ اللهِ بِأَعْيُنِكُمْ، وَتَرْجُفُ مِنْ عَظَمَتِهِ قُلُوبُكُمْ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سِحْرًا مِنْ جِنْسِ مَا تَصْنَعُهُ أَيْدِيكُمْ، (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) أَيْ وَالْحَالُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَكُمْ أَنَّ السَّاحِرِينَ لَا يَفُوزُونَ فِي أُمُورِ الْجِدِّ الْعَمَلِيَّةِ مِنْ دَعْوَةِ دِينٍ وَتَأْسِيسِ مُلْكٍ وَقَلْبِ نِظَامٍ، وَهُوَ مَا تَتَّهِمُونَنِي بِهِ عَلَى ضَعْفِي وَقُوَّتِكُمْ، لِأَنَّ السِّحْرَ أُمُورُ شَعْوَذَةٍ وَتَخْيِيلٍ، لَا تَلْبَثُ أَنْ تَفْتَضِحَ وَتَزُولَ، يَدُلُّ عَلَى هَذَا جَوَابُهُمْ لَهُ:
(قَالُوا أَجِئْتِنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ) هَذَا اسْتِفْهَامُ تَوْرِيطٍ وَتَقْرِيرٍ، تُجَاهَ مَا أَوْرَدَهُ مُوسَى مِنَ اسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِ وَالتَّعْجِيبِ، فَحَوَاهُ أَتُقِرُّ وَتَعْتَرِفُ بِأَنَّكَ جِئْتَنَا لِتَصْرِفَنَا وَتَحَوُّلِنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ
آبَاءَنَا وَأَجْدَادَنَا مِنَ الدِّينِ الْقَوْمِيِّ الْوَطَنِيِّ لِنَتِّبِعَ دِينَكَ وَتَكُونَ لَكَ وَلِأَخِيكَ كِبْرِيَاءُ الرِّيَاسَةِ الدِّينِيَّةِ، وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ كِبْرِيَاءِ الْمُلْكِ وَالْعَظَمَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ التَّابِعَةِ لَهَا فِي أَرْضِ مِصْرَ كُلِّهَا؟ يَعْنُونَ أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَكَ مِنْ دَعْوَتِكَ إِلَّا هَذَا وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِفْ بِهِ اعْتِرَافًا. جَعَلُوا الْخِطَابَ الْخَاصَّ بِالدَّعْوَةِ وَالْغَرَضَ مِنْهَا لِمُوسَى لِأَنَّهُ هُوَ الدَّاعِي لَهُمْ بِالذَّاتِ وَأَشْرَكُوا مَعَهُ أَخَاهُ فِي ثَمَرَةِ الدَّعْوَةِ وَفَائِدَتِهَا لِأَنَّهَا تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا بِالضَّرُورَةِ (وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ) أَيْ وَمَا نَحْنُ بِمُتَّبِعِينَ لَكُمَا اتِّبَاعَ إِيمَانٍ وَإِذْعَانٍ فِيمَا يُخْرِجُنَا مِنْ دِينِ آبَائِنَا الَّذِي تُقَلِّدُهُ عَامَّتُنَا، وَيَسْلُبُنَا مُلْكَنَا الَّذِي تَتَمَتَّعُ بِكِبْرِيَائِهِ خَاصَّتُنَا - وَهُمُ الْمَلِكُ وَأَرْكَانُ دَوْلَتِهِ وَبِطَانَتُهُ وَحَوَاشِيهِ - وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ هُمَا اللَّذَانِ كَانَا يَمْنَعَانِ جَمِيعَ الْأَقْوَامِ مِنَ اتِّبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُصْلِحِينَ فِي كُلِّ زَمَانٍ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست