responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 373
وَالتَّقْدِيسُ، أَيْ تَسْبِيحًا لَهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ، وَتُقَالُ فِي مَقَامِ التَّعَجُّبِ، وَيَصِحُّ هُنَا جَمْعُ الْمَعْنَيَيْنِ كِلَيْهِمَا، وَقَفَّى عَلَى هَذَا التَّنْزِيهِ وَالتَّعَجُّبِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ فَقَالَ: (هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) أَيْ هُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ عَنِ الْوَلَدِ، لِأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْوُجُودِ مِنَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ مِلْكٌ وَعَبِيدٌ لَهُ لَا يَحْتَاجُ مِنْهَا إِلَى شَيْءٍ، وَيَحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ، وَلَا يُشْبِهُهُ أَوْ يُجَانِسُهُ مِنْهَا شَيْءٌ، فَالْإِنْسَانُ يَحْتَاجُ إِلَى الْوَلَدِ لِأُمُورٍ مِنْهَا بَقَاءُ ذِكْرِهِ بِهِ وَبِذَرِّيَّتِهِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ قُوَّةٌ وَعُصْبَةٌ لَهُ يَعْتَزُّ بِهِ هُوَ وَعَشِيرَتُهُ، وَمِنْهَا أَنَّ وُجُودَهُ زِينَةٌ لَهُ فِي دَارِهِ يَلْهُو بِهِ فِي صِغَرِهِ، وَيُفَاخِرُ بِهِ أَقْرَانَهُ فِي كِبَرِهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِقَضَاءِ مَصَالِحِهِ وَتَنْمِيَةِ ثَرْوَتِهِ، وَقَدْ يَحْتَاجُ إِلَى رِفْدِهِ وَبِرِّهِ، عِنْدَ عَجْزِهِ أَوْ فَقْرِهِ، وَاللهُ تَعَالَى لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِذَاتِهِ لِذَاتِهِ أَزَلًا وَأَبَدًا (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا) ((إِنْ)) هُنَا نَافِيَةٌ وَ ((مِنْ)) مُؤَكِّدَةٌ لِهَذَا النَّفْيِ مُفِيدَةٌ لِعُمُومِهِ، وَالسُّلْطَانُ: الْحُجَّةُ وَالْبُرْهَانُ، وَالْجُمْلَةُ تَجْهِيلٌ لَهُمْ وَرَدٌّ عَلَيْهِمْ، أَيْ مَا عِنْدَكُمْ أَيُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ بِهَذَا الْقَوْلِ الَّذِي تَقُولُونَهُ مِنْ غَيْرِ عَقْلٍ وَعِلْمٍ وَلَا وَحْيٍ إِلَهِيٍّ، وَتُعَارِضُونَ بِهِ هَذَا الْبُرْهَانَ الْعَقْلِيَّ، وَهُوَ تَنْزِيهُ اللهِ وَغِنَاهُ الْمُطْلَقُ عَنِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ، وَكَوْنُهُ الْمَالِكَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) هَذَا اسْتِفْهَامُ تَبْكِيتٍ وَتَوْبِيخٍ عَلَى أَقْبَحِ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ مَجِيءِ مَا يَنْقُضُهُ مِنَ الْعِلْمِ الْبُرْهَانِيِّ، وَالْوَحْيِ الْإِلَهِيِّ، قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَهُوَ جَهَالَةٌ، وَأَنَّ الْعَقَائِدَ لَا بُدَّ لَهَا مَنْ قَاطِعٍ، وَأَنَّ التَّقْلِيدَ فِيهَا غَيْرُ سَائِغٍ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ عَنِ الْكُفَّارِ عَامَّةً وَعَنِ النَّصَارَى خَاصَّةً فِي سُورِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالْمَائِدَةِ وَالْأَنْعَامِ، وَسَيَأْتِي فِي سُوَرٍ أُخْرَى مَعَ إِبْطَالِهِ وَتَفْنِيدِهِ بِالدَّلَائِلِ وَوُجُوهِ
الْحُجَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَسَالِيبِ، أَوِ التَّقْرِيعِ وَالتَّأْنِيبِ، وَالْإِنْذَارِ وَالْوَعِيدِ.
(قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) بِاتِّخَاذِهِمُ الشُّرَكَاءَ لَهُ، أَوْ بِزَعْمِهِمُ اتِّخَاذَهُ وَلَدًا لِنَفْسِهِ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَسَائِلِ التَّشْرِيعِ، أَوْ بِدَعْوَى وِلَايَتِهِمْ وَإِطْلَاعِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى أَسْرَارِ خَلْقِهِ وَتَصْرِيفِهِ لَهُمْ فِي مُلْكِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ 17، 59، 60 (لَا يُفْلِحُونَ) أَيْ لَا يَفُوزُونَ بِمَا يُؤَمِّلُونَ مِنَ النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَالتَّمَتُّعِ بِنَعِيمِهَا بِشَفَاعَةِ الْوَلَدِ أَوِ الشُّرَكَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ لَهُ تَعَالَى أَوْ فِدَائِهِمْ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ.
(مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا) هَذَا جَوَابٌ لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ قَدْ يَرُدُّ عَلَى نَفْيِ فَلَاحِهِمْ بِالْإِطْلَاقِ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ مَنَافِعُ الدُّنْيَا، وَالْمُفْتَرُونَ عَلَى اللهِ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِافْتِرَاءِ الْمَقْبُولَةِ عِنْدَ الْجَاهِلِينَ،

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست