responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 316
لِأَجْلِهِ مِنَ اتِّبَاعِ الْحَقِّ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْهُدَى فِي الْأَعْمَالِ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الْمُوَصِّلُ إِلَى سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، الْمُنَجِّي مِنْ عَذَابِهِمَا. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (وَلَكِنْ) بِتَخْفِيفِ النُّونِ وَ (النَّاسُ) بِالرَّفْعِ.
وَقَدْ وَضَعَ الِاسْمَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ إِذْ قَالَ: (وَلَكِنَّ النَّاسَ وَلَمْ يَقُلْ: ((وَلَكِنَّهُمْ)) لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ هَذَا الظُّلْمَ خَاصٌّ بِهِمْ دُونَ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ ; فَإِنَّهَا لَا تَعْدُو فِي اسْتِعْمَالِ مَشَاعِرِهَا وَقُوَاهَا مَا خُلِقَتْ لِأَجْلِهِ مِنْ حِفْظِ حَيَاتِهَا الشَّخْصِيَّةِ، وَالنَّوْعِيَّةِ، وَأَمَّا النَّاسُ فَقَدْ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيمَا يَضُرُّهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الْحَيَوَانِيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَفِي حَيَاتِهِمُ الرُّوحِيَّةِ الْأُخْرَوِيَّةِ، كَمَا قَالَ: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) (25: 44) وَقَدَّمَ الْمَفْعُولَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى عَامِلِهِ لِإِفَادَةِ قَصْرِ هَذَا الظُّلْمِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، أَوْ دُونَ رَبِّهِمُ الَّذِي كَفَرُوا بِنِعَمِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى، فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ (2: 54) وَسُورَةِ الْأَعْرَافِ: (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (7: 160) .
هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ نَفْيِ ظُلْمِ النَّاسِ عَنِ اللهِ تَعَالَى وَقَصْرِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَظْلِمُهُمْ بِعِقَابِهِ لَهُمْ شَيْئًا بِأَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ أَوْ يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ الذَّنْبِ وَلَكِنَّ النَّاسَ هُمُ الَّذِينَ يَظْلِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، عَلَى قَاعِدَةِ: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا) (6: 164) الْآيَةَ. فَرَاجِعْ
تَفْسِيرَهَا مَعَ مَا هُنَا، وَحَاسِبْ نَفْسَكَ، وَذَكِّرْ غَيْرَكَ، وَلَا تَجْعَلُوا هَذِهِ الْحِكَمَ الْبَلِيغَةَ حِكَايَةً لِلتَّسْلِيَةِ بِهَجْوِ الْكُفَّارِ، فَإِنَّمَا هِيَ حَقَائِقُ هَادِيَةٌ لِلْمَوْعِظَةِ وَالِاسْتِبْصَارِ.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) .
هَذِهِ الْآيَةُ لِلتَّذْكِيرِ بِمِقْدَارِ ظُلْمِ الْمُشْرِكِينَ لِأَنْفُسِهِمْ وَخَسَارَتِهِمْ لَهَا فِي الْآخِرَةِ، بِتَكْذِيبِهِمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُفْرِهِمْ بِالْقُرْآنِ وَوَعِيدِهِ لَهُمْ، وَغُرُورِهِمْ بِدُنْيَاهُمُ الْحَقِيرَةِ مِصْدَاقًا لِلْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، قَالَ: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) أَيْ وَاذْكُرْ أَيُّهَا الرَّسُولُ لَهُمْ أَوْ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ يَحْشُرُهُمُ اللهُ - وَهَذِهِ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ عَنْ عَاصِمٍ وَقَرَأَهَا الْبَاقُونَ (نَحْشُرُهُمْ) بِالنُّونِ أَيْ نَجْمَعُهُمْ بِبَعْثِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست