responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 305
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالطَّوَاسِينِ وَالْعَنْكَبُوتِ، وَإِنْ كَانَ يَعُمُّ السُّوَرَ
الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى نُذُرِ أُولَئِكَ الْأَقْوَامِ الْمُكَذِّبِينَ لِرُسُلِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِدَعْوَتِهِمْ لَهُمْ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ بَعْضُ سُورِ الْمُفَصَّلِ أَيْضًا كَالذَّارِيَاتِ وَالنَّجْمِ وَالْقَمَرِ وَالْحَاقَّةِ وَالْفَجْرِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ عَلَى كُلٍّ مِنَ التَّقْدِيرَيْنِ شَيْءٌ مِنَ السُّوَرِ الْقَصِيرَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَالتَّحَدِّي فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَسُورَةِ هُودٍ وَسُورَةِ الطُّورِ مَبْنِيٌّ عَلَى تُهْمَةِ الِافْتِرَاءِ وَالتَّكْذِيبِ كَمَا تَرَى إِيضَاحَهُ فِي آيَةِ: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) (39) الَّتِي تَلِي هَذَا.
وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا فِي هَذِهِ السُّوَرِ مِنَ الْمُفَصَّلِ مِنَ التَّعْبِيرِ عَنِ الْمَعْنَى الْوَاحِدِ بِالْعِبَارَاتِ الْعَدِيدَةِ مَعَ تَعَدُّدِ أَسَالِيبِهَا، وَاخْتِلَافِ نَظْمِهَا، وَأَنْوَاعِ فَوَاصِلِهَا، وَأَلْوَانِ بَيَانِهَا، وَقَوَارِعِ نُذُرِهَا، وَصَوَادِعِ وَعِيدِهَا، وَقَابِلِيَّتِهَا لِلتَّرْتِيلِ بِالنَّغَمَاتِ الْمُؤَثِّرَةِ اللَّائِقَةِ بِكُلٍّ مِنْهَا، فَأَجْدِرْ بِهِ إِنْ كَانَ قَدْ أُوتِيَ حَظًّا مِنْ بَيَانِ هَذِهِ اللُّغَةِ وَالشُّعُورِ الذَّوْقِيِّ بِبَلَاغَتِهَا، أَنْ يَقْتَنِعَ بِأَنَّ إِعْجَازَهَا اللُّغَوِيَّ كَإِعْجَازِ قَصَصِ السُّوَرِ الطَّوِيلَةِ أَوْ أَظْهَرَ، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ مَوْضُوعِهَا حَقًّا مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى أَمْ لَا، وَأَنْ يَتَجَلَّى لَهُ سِرُّ تَأْثِيرِهَا الْعَجِيبِ فِي أُولَئِكَ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ بُلَغَاءِ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ، الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ - وَهُوَ فِي الذُّرْوَةِ الْعُلْيَا مِنْهُمْ - بِعِبَارَتِهِ الْمَشْهُورَةِ وَمِنْهَا قَوْلُهُ: ((وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى، وَإِنَّهُ لَيُحَطِّمُ مَا تَحْتَهُ)) وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا بَيَّنَّاهُ فِي مَبَاحِثِ الْوَحْيِ، وَأَنْ يَعْلَمَ صِدْقَ الْإِمَامِ عَبْدِ الْقَاهِرِ فِي قَوْلِهِ: ((أَسَالَ عَلَيْهِمُ الْوَادِيَ عَجْزًا، وَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَنَافِذَ الْقَوْلِ أَخْذًا)) عِلْمًا ذَوْقِيًّا وِجْدَانِيًّا.
وَأَمَّا مَنْ لَا يَعْرِفُ مِنْ بَلَاغَةِ هَذِهِ اللُّغَةِ إِلَّا الْقَوَاعِدَ الْفَنِّيَّةَ، وَأَمْثِلَتَهَا الْجُزْئِيَّةَ الْمُدَوَّنَةَ فِي مِثْلِ مُخْتَصَرِ السَّعْدِ التَّفْتَازَانِيِّ وَمُطَوَّلَةٍ مِنْ كُتُبِ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ، فَأَجْدَرُ بِهِ أَنْ يُطَبِّقَهَا عَلَى كُلِّ كَلَامٍ وَنَاهِيكَ بِهِ إِذَا عَدَّ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُتَنَطِّعُونَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَا يُسَمُّونَهُ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ، وَشُرُوطِ الْفَصَاحَةِ وَعُيُوبِهَا، وَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ بَعْضَهُمْ مَجَّ ذَوْقَهُ بَعْضُ فَوَاصِلِ سُورَةِ الْقَمَرِ، فَكَانَ بَعْضُ الْمُسْتَشْرِقِينَ أَصَحَّ مِنْهُ فَهْمًا وَذَوْقًا، إِذْ قَالَ إِنَّهَا مِنْ أَبْلَغِ سُوَرِ الْقُرْآنِ أَوْ أَبْلَغِهَا كُلِّهَا بِلَا اسْتِثْنَاءٍ.
(فَإِنْ قِيلَ) إِنَّ التَّحَدِّيَ فِي السُّوَرِ الثَّلَاثِ: (يُونُسَ، وَهُودٍ، وَالطَّوْرِ) جَاءَ رَدًّا عَلَى تُهْمَةِ الِافْتِرَاءِ وَالتَّقَوُّلِ كَمَا قُلْتُمْ، فَيَظْهَرُ فِيهِ أَنْ يَخْتَصَّ بِالسُّوَرِ الَّتِي تَظْهَرُ فِيهَا تُهْمَةُ الِافْتِرَاءِ كَمَا قَرَّرْتُمْ وَلَكِنَّ التَّحَدِّيَ فِي آيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ (قُلْنَا) لَكِنَّهُ
جَوَابٌ لِلْمُرْتَابِينَ فِيهِ وَهُمُ الْمُكَذِّبُونَ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ ; لِأَنَّهُ نَزَلَ بَعْدَهُ. وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ وَهُنَّ مَكِّيَّاتٌ. فَإِنْ مَنَعْنَا هَذَا وَقُلْنَا إِنَّ التَّنْكِيرَ فِيهَا يَصْدُقُ بِأَصْغَرِ سُورَةٍ وَهِي الْكَوْثَرُ، وَسَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهَا إِعْجَازُ النَّظْمِ وَالْأُسْلُوبِ (قُلْنَا) إِنَّهَا مُعْجِزَةٌ بِمَا فِيهَا مِنَ الْإِيجَازِ وَخَبَرَيِ الْغَيْبِ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا كَمَا شَرَحْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مِنَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ. وَفِي الْجِلَالَيْنِ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا فَقَدَ قَالَ: فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ: هِيَ مِثْلُهُ فِي الْبَلَاغَةِ وَحُسْنِ النَّظْمِ وَالْإِخْبَارِ عَنِ الْغَيْبِ اهـ. وَقَالَ فِي آيَةِ يُونُسَ: هِيَ مِثْلُهُ فِي الْفَصَاحَةِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 305
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست