responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 28
بِتَرْكِ مَعَاصِيهِ، وَاجْتِنَابِ مَنَاهِيهِ، رَاوَدَ رَجُلٌ امْرَأَةً عَنْ نَفْسِهَا فِي فَلَاةٍ قَائِلًا: إِنَّهُ لَا يَرَانَا هُنَا إِلَّا الْكَوَاكِبُ، قَالَتْ: فَأَيْنَ مُكَوْكِبُهَا؟ فَخَجِلَ وَانْصَرَفَ. وَسَيَرَاهُ رَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَيَزِنُونَهُ بِمِيزَانِ الْإِيمَانِ الْمُمَيِّزِ بَيْنِ الْإِخْلَاصِ وَالنِّفَاقِ، وَهُمْ شُهَدَاءُ اللهِ عَلَى النَّاسِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يُعْلَى وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ: ((لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ يَعْمَلُ فِي صَخْرَةٍ صَمَّاءَ لَيْسَ لَهَا بَابٌ وَلَا كُوَّةٌ لَأَخْرَجَ اللهُ عَمَلَهُ لِلنَّاسِ كَائِنًا مَا كَانَ)) وَقَالَ زُهَيْرٌ:
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ ... وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
فَإِذَا كَانَتِ الْخَلَائِقُ النَّفْسِيَّةُ، وَالْأَعْمَالُ السِّرِّيَّةُ، لَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ مُحَاوَلَةِ صَاحِبِهَا لِإِخْفَائِهَا، فَمَاذَا يُقَالُ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ مُقْتَضَى الْعَقَائِدِ وَالْأَخْلَاقِ وَمَا انْطَبَعَتْ عَلَيْهِ النَّفْسُ مِنَ الْمَلَكَاتِ، وَمُرِّنَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَادَاتِ؟ نَرَى الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ يُخْفُونَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْبِرِّ الَّتِي يُسْتَحَبُّ إِخْفَاؤُهَا كَالصَّدَقَةِ عَلَى الْفَقِيرِ الْمُتَعَفِّفِ سَتْرًا عَلَيْهِ، وَمُبَالَغَةً فِي الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ تَعَالَى الَّذِي يُنَافِيهِ الرِّيَاءُ وَحُبُّ السُّمْعَةِ وَلَكِنَّهُمْ لَا يَلْبَثُونَ أَنْ يَشْتَهِرُوا بِهَا، وَنَرَى بَعْضَ الْمُنَافِقِينَ يُخْفُونَ بَعْضَ أَعْمَالِ النِّفَاقِ خَوْفًا مِنَ النَّاسِ لَا مِنَ اللهِ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَلْبَثُونَ أَنْ يَفْتَضِحُوا بِهَا. وَمِنْ أَمْثَالِ الْعَوَامِّ: إِنَّ الَّذِي يَخْتَفِي هُوَ الَّذِي لَا يَقَعُ.
وَالْآيَةُ تَهْدِينَا إِلَى أَنَّ مَرْضَاةَ جَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَائِمِينَ بِحُقُوقِ الْإِيمَانِ، الْمُقَرَّرَةِ صِفَاتُهُمْ فِي الْقُرْآنِ تَلِي مَرْضَاةَ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ. وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ: مَرُّوا بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((وَجَبَتْ)) ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ: ((وَجَبَتْ)) فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: ((هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، ((أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ)) وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ تَكْرَارُ ((وَجَبَتْ)) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَكَذَا تَكْرَارُ ((أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِ)) وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: ((إِنَّ اللهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي - أَوْ قَالَ: أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ)) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ الْمَدِينِيِّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَسُلَيْمَانُ الْمَدِينِيُّ عِنْدِي هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ انْتَهَى. أَقُولُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقِهِمْ وَيُعْزَى الْحَدِيثُ إِلَى الطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ ((لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ)) وَالْعُلَمَاءُ يَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى حُجِّيَّةِ
الْإِجْمَاعِ لِصِحَّةِ مَعْنَاهُ بِمُوَافَقَتِهِ لِلْآيَاتِ وَالصِّحَاحِ مِنَ الْأَخْبَارِ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَأَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ، لَا عَلَى الْإِجْمَاعِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ((مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ)) رَوَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ فِي السُّنَّةِ لَا فِي الْمُسْنَدِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ، وَيَسْتَدِلُّ بِهِ الْجُهَّالُ حَتَّى مِنَ الْمُعَمَّمِينَ أَدْعِيَاءِ الْعِلْمِ عَلَى اسْتِحْسَانِ الْبِدَعِ الْفَاشِيَةِ حَتَّى فِي الْعَقَائِدِ الثَّابِتَةِ كَبِدَعِ الْقُبُورِ الَّتِي كَانَ يَلْعَنُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعِلِيهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، مِنْ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَيْهَا، وَالصَّلَاةِ إِلَيْهَا، وَإِيقَادِ السُّرُجِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست