responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 266
هَذِهِ الْقُبُورِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمَدْفُونِينَ فِيهَا أَحْيَاءٌ يَقْضُونَ حَاجَاتِ مَنْ يَدْعُونَهُمْ وَيَسْتَغِيثُونَهُمْ، وَعُلَمَاءُ الْخُرَافَاتِ يَقُولُونَ لَهُمْ إِنَّ عَمَلَهُمْ هَذَا شَرْعِيٌّ.
نَعَمْ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا مِنْ نَفْيِ ضَرِّهَا وَنَفْعِهَا أَنَّهَا جَمَادَاتٌ لَا عَمَلَ لَهَا فَقَطْ كَمَا قِيلَ، وَإِنْ كَانَتِ الْحُجَّةُ عَلَى عِبَادَةِ هَذِهِ الْأَصْنَامِ أَظْهَرَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى عِبَادَةِ الثَّعَابِينِ وَالْبَقَرِ وَالْقُرُودِ - وَلَا يَزَالُ لَهَا بَقِيَّةٌ فِي الْهِنْدِ - وَعَلَى عِبَادَةِ الْبَشَرِ الَّتِي هِيَ أَسَاسُ النَّصْرَانِيَّةِ الْآرِيَّةِ الَّتِي وَضَعَهَا الْإِمْبِرَاطُورُ قُسْطَنْطِينُ، وَمَنِ اتَّبَعَ سَنَنَ النَّصَارَى وَالْهُنُودِ مِنْ جَهَلَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ بَيَانُ بُطْلَانِ الشِّرْكِ بِالْأُلُوهِيَّةِ، وَهُوَ عِبَادَةُ غَيْرِ اللهِ مَهْمَا يَكُنِ الْمَعْبُودُ، وَبُطْلَانِ الشِّرْكِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَهُوَ قِسْمَانِ: ادِّعَاءُ وَسَاطَتِهِمْ فِي الْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ، وَاحْتِجَاجِهِمْ عَلَيْهِمْ بِشَفَاعَتِهِمْ عِنْدَ اللهِ. وَهُوَ كَذِبٌ فِي التَّشْرِيعِ الَّذِي هُوَ حَقُّ الرَّبِّ وَحْدَهُ وَلَا يُعْلَمُ إِلَّا بِوَحْيِهِ. بَيَانُ الْأَوَّلِ: أَنَّ كُلَّ مَا عُبِدَ وَمَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ حَتَّى الْجِنَّ وَالْمَلَائِكَةَ لَا يَمْلِكُونَ لِعَابِدِيهِمُ النَّفْعَ وَالضُّرَّ بِالْقُدْرَةِ الذَّاتِيَّةِ الْغَيْبِيَّةِ، الَّتِي هِيَ فَوْقَ الْأَسْبَابِ الَّتِي مَنَحَهَا الْخَالِقُ لِلْمَخْلُوقَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، لَا بِذَوَاتِهِمْ وَكَرَامَاتِهِمْ، وَلَا بِتَأْثِيرٍ خَاصٍّ لَهُمْ عِنْدَ الْخَالِقِ يَحْمِلُونَهُ بِهِ عَلَى نَفْعِ مَنْ شَاءُوا أَوْ ضُرِّ مَا شَاءُوا أَوْ كَشَفِ الضُّرِّ عَنْهُ، كَمَا يَعْتَقِدُ عُبَّادُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ مِنَ الْبَشَرِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى النَّصَارَى فِي عِبَادَتِهِمْ لِلْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ: (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (5: 76) وَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى عَبَدَةِ الْقُبُورِ وَعَلَى أَصْحَابِ الْعَمَائِمِ الَّذِينَ يَتَأَوَّلُونَ لَهُمْ عِبَادَتَهُمْ بِمَا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُبْعِدُهُمْ عَنْ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ، بِقَوْلِهِمْ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءَ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ كَالشُّهَدَاءِ فَهُمْ يَضُرُّونَ وَيَنْفَعُونَ لَا كَالْأَصْنَامِ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ لِلنَّصَارَى: إِنَّ الْمَسِيحَ لَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا بِعِبَادَتِهِمْ لَهُ عَلَى مَا آتَاهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الدَّجَّالِينَ مِنَ الشُّيُوخِ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ الْمَسِيحَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَدَوِيِّ وَالْحُسَيْنِ وَالسَّيِّدَةِ زَيْنَبَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ الضُّرَّ وَالنَّفْعَ لِمَنْ يَطْلُبُهُ مِنْهُمْ، وَحَيَاتُهُ لَا تَزَالُ فِي اعْتِقَادِهِمْ حَيَاةً عُنْصُرِيَّةً وَحَيَاتُهُمْ بَرْزَخِيَّةٌ وَمُعْجِزَاتُهُ قَطْعِيَّةٌ وَكَرَامَاتُهُمْ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ.
كَذَلِكَ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَأَفْضَلَهُمْ أَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ بِنَفْيِ مِلْكِهِ لِضُرِّ النَّاسِ وَنَفْعِهِمْ وَهُوَ حَيٌّ كَمَا يَأْتِي فِي الْآيَةِ (49) مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ. وَسَبَقَ مِثْلُهَا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ (7: 188) .
(وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ) أَيْ يَقُولُونَ فِي سَبَبِ عِبَادَتِهِمْ لَهُمْ، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الضُّرَّ وَالنَّفْعَ بِأَنْفُسِهِمْ لِإِيمَانِهِمْ بِأَنَّ الرَّبَّ الْخَالِقَ هُوَ اللهُ تَعَالَى: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ فَنَحْنُ نَعْبُدُهُمْ بِتَعْظِيمِ هَيَاكِلِهِمْ وَتَطْيِيبِهَا بِالْعِطْرِ وَالطَّوَافِ بِهَا وَبِتَقْدِيمِ النُّذُورِ لَهُمْ، وَالْإِهْلَالِ عِنْدَ ذَبْحِ الْقَرَابِينِ بِأَسْمَائِهِمْ، وَبِدُعَائِهِمْ وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ يُقَرِّبُونَنَا إِلَيْهِ زُلْفَى فَيَدْفَعُ بِجَاهِهِمْ عَنَّا الْبَلَاءَ، وَيُعْطِينَا مَا نَطْلُبُ مِنَ النَّعْمَاءِ، هَذَا مَا يَقُولُهُ مُنْكِرُو الْبَعْثِ مِنْهُمْ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست