responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 241
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) .
افْتَتَحَ السُّورَةَ بِذِكْرِ آيَاتِ الْكِتَابِ، النَّاطِقِ بِالْحِكْمَةِ وَفَصْلِ الْخِطَابِ وَأَنْكَرَ عَلَى النَّاسِ عَجَبَهُمْ أَنْ يُوحِيَ رَبُّهُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ بِهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ مِنَ الدِّينِ الَّذِي فِيهِ سَعَادَتُهُمْ، مُنْذِرًا مَنْ كَفَرَ بِالْعِقَابِ، وَمُبَشِّرًا مَنْ آمَنَ بِالثَّوَابِ وَحَكَى عَنِ الْكَافِرِينَ وَصْفَهُمْ لِهَذَا الْكِتَابِ الْحَكِيمِ وَلِلرَّسُولِ الَّذِي جَاءَ بِهِ بِالسِّحْرِ؛ إِذْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَشَرِ مُشَعْوِذُونَ وَدَجَّالُونَ يَأْتُونَ بَعْضَ الْخَوَارِقِ الَّتِي لَا يَعْرِفُ الْجَمَاهِيرُ أَسْبَابَهَا، فَرَأَوْا أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ الْمُعْجِزَ لِلْبَشَرِ بِأُسْلُوبِهِ وَبَلَاغَتِهِ، وَبِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَبِتَأْثِيرِهِ فِي الْعُقُولِ وَالْقُلُوبِ، يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَوْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ مِنْ هَذَا السِّحْرِ الْمَعْهُودِ وَجُودُهُ، الْمَجْهُولِ سَبَبُهُ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي جَاءَ بِهِ لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ قَبْلَهُ شَيْءٌ مِنْ بَلَاغَةِ الْقَوْلِ، وَلَا مِنْ حِكْمَةِ التَّشْرِيعِ، وَالْعِلْمُ، يَصِحُّ أَنْ يُعَدَّ مُنْتَحَلًا لِلسِّحْرِ، وَلَكِنَّ السِّحْرَ لَمْ يَكُنْ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ حَقَائِقَ عِلْمِيَّةً وَلَا هِدَايَةً نَافِعَةً كَمَا تَقَدَّمَ، وَالسَّحَرَةُ لَمْ يَكُونُوا إِلَّا أُنَاسًا مِنَ الْمُتَكَسِّبِينَ بِإِطْلَاعِ النَّاسِ عَلَى غَرَائِبِهِمُ الْمَجْهُولَةِ لَهُمْ، فَأَيْنَ هَذَا وَذَاكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، مِنْ حَقَائِقَ سَاطِعَةٍ، وَهُوَ لَا يَسْأَلُ عَلَيْهَا أَجْرًا وَلَا يَبْتَغِي بِهَا لِنَفْسِهِ نَفْعًا إِذْ هِيَ بَاقِيَةٌ بِنَفْسِهَا وَبِآثَارِهَا النَّافِعَةِ، وَالسِّحْرُ بَاطِلٌ لَا بَقَاءَ لَهُ؟ فَالْمُتَعَيَّنُ عِنْدَ الْعَقْلِ أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا مِنَ الْعُلُوِّ عَلَى كَلَامِ الْبَشَرِ، وَالْإِعْجَازِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ بِالتَّحَدِّي، وَحْيًا مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَنِعْمَةً مِنْهُ عَلَيْهِمْ بِهِدَايَةِ الدِّينِ، الَّذِي هُوَ لِجُمْلَتِهِمْ، كَالْعَقْلِ لِأَفْرَادِهِمْ، وَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهَذَا الرَّبِّ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، الْبَرِّ الرَّحِيمِ، أَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ حِكْمَةِ رُبُوبِيَّتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِالْعَالِمِينَ، وَإِلَّا كَانَتْ صِفَاتُهُ نَاقِصَةً بِحِرْمَانِ هَذَا الْإِنْسَانِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْأَعْلَى مِنَ الْعِرْفَانِ، وَالْبَيِّنَاتِ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ، وَلِذَلِكَ قَفَّى حِكَايَةَ عَجَبِهِمْ وَمَا عَلَّلُوهُ بِهِ، مِنَ التَّذْكِيرِ بِالْحُجَّةِ الَّتِي تَنْقُضُهُ مِنْ أَسَاسِهِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى تَفْنِيدِهِمْ فِي عَجَبِهِمْ مِنْ وَحْيِ الْقُرْآنِ، وَبَيَانٌ لِلرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي يَقْتَضِي كَمَالُهَا ثُبُوتَهُ وَبُطْلَانَ الشَّرَكِ، وَالْخِطَابُ فِيهَا لِلنَّاسِ الَّذِينَ عَجِبُوا أَنْ يُوحَى إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا فِيهِ هِدَايَتُهُمْ بِأُسْلُوبِ الِالْتِفَاتِ الْمُنَبِّهِ لِلذِّهْنِ، يَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبَّكُمْ هُوَ اللهُ الَّذِي خَلَقَ الْعَوَالِمَ السَّمَاوِيَّةَ الَّتِي

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 11  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست