responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 85
لِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى كَوْنِهِ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْمَفْضُولِ مَا لَا يُوجَدُ فِي الْفَاضِلِ أَوِ الْأَفْضَلِ، فَكَيْفَ وَقَدِ اخْتَارَهُ الرَّسُولُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمُوَافَقَةِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ لَهُ مَا عَدَا عُمَرَ وَكَذَا عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَاصٍّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَهَذَا الْجُمْهُورُ هُوَ الَّذِي كَانَ
يُرِيدُ مِنَ الْفِدَاءِ عَرَضَ الدُّنْيَا لِفَقْرِهِمْ، وَحَاشَا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَصَدِيقَهُ الْأَكْبَرَ مِنْ إِرَادَةِ ذَلِكَ لِذَاتِهِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي مَقَامِهِمَا إِرَادَتُهُمَا لِمُوَاسَاةِ الْجُمْهُورِ، وَتَعْوِيضِ شَيْءٍ مِمَّا فَاتَهُمْ مِنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ، بَعْدَ مَا كَانَ مِنْ بَلَائِهِمْ فِي الْقِتَالِ عَلَى جُوعِهِمْ، وَعَدَمِ اسْتِعْدَادِهِمْ لَهُ، وَلَيْسَ هَذَا الذَّنْبُ مِنَ الْفِتَنِ الَّتِي يَعُمُّ بِهَا الْعَذَابُ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الْقَيِّمِ، وَهُوَ مِمَّا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ مَعَ وُجُودِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالتَّحْقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَتَانِ دَلَالَةً وَاضِحَةً تُؤَيِّدُهَا الرِّوَايَاتُ الْوَارِدَةُ فِي مَوْضُوعِهَا وَكَذَا آيَةُ سُورَةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَنَّ رَأْيَ عُمَرَ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ فِي مِثْلِ الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ مَعَ أَعْدَائِهِمْ فِي وَقْتِ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَأَمَّا رَأْيُ الصِّدِّيقِ، فَهُوَ الَّذِي تَقْتَضِي الْحِكْمَةُ وَالرَّحْمَةُ الْعَمَلَ بِهِ بَعْدَ الْإِثْخَانِ فِي الْأَرْضِ بِالْغَلَبِ وَالسُّلْطَانِ، وَلَكِنْ كَانَ مِنْ قَدَرِ اللهِ تَعَالَى أَنْ نَفَّذَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ جُمْهُورَ الْمُسْلِمِينَ يُوَافِقُهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْكَثِيرِينَ مِنْهُمْ قَصْدٌ دُونَ قَصْدِهِ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ رَأْيَهُ، وَهُوَ إِرَادَتُهُمْ لِلْمَالِ لِحَاجَتِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ إِلَيْهِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ هَوِيَ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ رَأْيَ عُمَرَ، وَعِنْدِي أَنَّ أَسْبَابَ هَوَاهُ لِرَأْيِ أَبِي بَكْرٍ: (1) حِرْصُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى إِرْضَاءِ الْجُمْهُورِ لِعُذْرِهِمُ الَّذِي بَيَّنَاهُ آنِفًا فِي إِرَادَتِهِمْ لِعَرَضِ الدُّنْيَا (2) تَغْلِيبُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِلرَّحْمَةِ عَلَى الْعُقُوبَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الرَّحْمَةِ إِضَاعَةٌ لَحَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ، وَلَا مُخَالَفَةٌ لِأَمْرِهِ تَعَالَى (3) رَجَاءُ إِيمَانِهِمْ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ فِي هَذَا الْقَدَرِ أَنْ بَيَّنَ لِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ سُنَّتَهُ تَعَالَى فِي التَّغَالُبِ بَيْنَ الْأُمَمِ، وَمَا يَنْبَغِي لِأَنْبِيَائِهِ وَأَتْبَاعِهِمْ فِي حَالَتَيِ الضَّعْفِ وَالْإِثْخَانِ فِي الْأَرْضِ، وَسَائِرِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ مِنَ الْأَحْكَامِ الْحَرْبِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَالتَّشْرِيعِيَّةِ.
(بَيَانُ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ مِنَ الْأَغْلَاطِ الَّتِي تُشْبِهُ الْمُغَالَطَاتِ الْجَدَلِيَّةَ)
(1) ذَكَرَ أَنَّ الْمُرَجِّحَ الْأَوَّلَ لِرَأْيِ أَبِي بَكْرٍ: اسْتِقْرَارُ الْأَمْرِ عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ
يُرِيدُ بِهِ تَرْجِيحَهُ، وَالْعَمَلَ بِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَهُوَ غَلَطٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْعَمَلَ بِهِ هُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْقُرْآنُ، فَكَيْفَ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ الْأَصْوَبُ أَوْ أَنَّهُ صَوَابٌ؟ وَأَمَّا عَدَمُ نَقْضِهِ بِأَمْرِ اللهِ بِقَتْلِ الْأَسْرَى بَعْدَ مُفَادَاتِهِمْ فَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِيهِ مِنَ الْحِكَمِ وَجَعْلِهِ قَاعِدَةً فِي التَّشْرِيعِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست