responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 75
الْمُعْتَزِلَةِ فَقَالُوا: أَيْ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ لَكُمْ، بِإِعْزَازِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ، وَإِزَالَةِ قُوَّةِ الشِّرْكِ وَالطُّغْيَانِ، وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَيُحِبُّ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَعِزَّةً غَالِبِينَ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (63: 8) كَمَا يُحِبُّ لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا حُكَمَاءَ رَبَّانِيِّينَ، يَضَعُونَ كُلَّ شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ. وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا بِتَقْدِيمِ الْإِثْخَانِ فِي الْأَرْضِ وَالسِّيَادَةِ فِيهَا عَلَى الْمَنَافِعِ الْعَرَضِيَّةِ بِمِثْلِ فِدَاءِ أَسْرَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ فِي عُنْفُوَانِ قُوَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ، وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَعُدُّهَا دُوَلُ الْمَدَنِيَّةِ الْعَسْكَرِيَّةِ مِنْ أُسُسِ السِّيَاسَةِ الِاسْتِعْمَارِيَّةِ، فَإِذَا رَأَوْا مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي يَحْتَلُّونَهَا أَدْنَى بَادِرَةٍ مِنْ أَعْمَالِ الْمُقَاوَمَةِ بِالْقُوَّةِ يُنَكِّلُونَ بِأَهْلِهَا أَشَدَّ تَنْكِيلٍ فَيُخَرِّبُونَ الْبُيُوتَ وَيُقَتِّلُونَ الْأَبْرِيَاءَ مَعَ الْمُقَاوِمِينَ، بَلْ لَا يَتَعَفَّفُونَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ بِمَا يُمْطِرُونَ الْبِلَادَ مِنْ نِيرَانِ الْمَدَافِعِ وَقَذَائِفِ الطَّيَّارَاتِ، وَالْإِسْلَامُ لَا يُبِيحُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْقَسْوَةِ، فَإِنَّهُ دِينُ الْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ.
لِأَصْحَابِ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ عِدَّةُ رِوَايَاتٍ عَنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ نَذْكُرُ أَهَمَّهَا وَأَكْثَرَهَا فَائِدَةً: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جِيءَ بِالْأُسَارَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: يَا رَسُولَ اللهِ قَوْمُكُ وَأَهْلُكُ اسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: يَا رَسُولَ اللهِ كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ وَقَاتَلُوكَ قَدِّمْهُمْ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: انْظُرُوا وَادِيًا كَثِيرَ الْحَطَبِ فَأَضْرِمْهُ عَلَيْهِمْ نَارًا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ ـ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَهُوَ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ: قَطَعْتَ رَحِمَكَ. فَدَخَلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا. فَقَالَ أُنَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَقَالَ أُنَاسٌ: يَأْخُذُ بِرَأْيِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ، وَإِنَّ اللهَ لَيُشَدِّدُ قُلُوبَ رِجَالٍ حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ. مَثَلُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14: 36) وَمَثَلُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5: 118) وَمَثَلُكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ إِذْ قَالَ: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (71: 26) وَمَثَلُكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ قَالَ: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (10: 88) - أَنْتُمْ عَالَةٌ فَلَا يَنْفَلِتَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبِ عُنُقٍ " فَقَالَ عَبْدُ اللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الْإِسْلَامَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَمَا رَأَيْتُنِي فِي يَوْمٍ أَخْوَفَ مِنْ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْحِجَارَةُ مِنِّي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ إِلَى آخَرِ الْآيَتَيْنِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 10  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست